متن، ص : ١٣٥
واللّه ما فعلت كذا. فى شىء يظن أنه لم يفعله، وو اللّه لقد فعلت كذا. فى شىء يظن أنه قد فعله «١».
فهو اليمين على الماضي إذا وقعت كذبا. نحو قول القائل : واللّه ما فعلت. وهو يعلم أنه قد فعل. وو اللّه لقد فعلت. وهو يعلم أنه لم يفعل. فهذه اليمين كفارتها التوبة والاستغفار لا غير.
[سورة المائدة (٥) : آية ٩٤]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ لِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٤)
وقوله تعالى : لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ [٩٤] وهذه استعارة. لأن الفارس هو الذي ينال القنيص برمحه. ولكن الرمح لما كان مباشرا حسن لهذه الحال أن يسمى نائلا.
[سورة المائدة (٥) : آية ١٠٨]
ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها أَوْ يَخافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمانٌ بَعْدَ أَيْمانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (١٠٨)
وقوله تعالى : ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها [١٠٨]. وهذه استعارة. لأن الشهادة لا وجه لها. وإنما المراد أن يأتوا بالشهادة على جليتها وحقيقتها.
وخبر تعالى عن ذلك بالوجه لأن به تعرف حقيقة الجملة، ويفهم كنه الصورة، كما قلنا فيما تقدم. وهذه من الاستعارات البديعة.
[سورة المائدة (٥) : آية ١١٦]
وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ (١١٦)
وقوله تعالى حاكيا عن المسيح عليه السلام : تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي، وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ [١١٦]. وهذه استعارة. لأن القديم سبحانه لا نفس له. والمراد : تعلم ما عندى ولا أعلم ما عندك، وتعلم حقيقتى ولا أعلم حقيقتك، أو تعلم مغيبى ولا «٢» أعلم مغيبك. فكأن فحوى ذلك : تعلم ما أعلم، ولا أعلم ما تعلم. وقد استوفينا الكلام على ذلك فى (حقائق التأويل).
(٢) فى الأصل «لا أعلم» بدون واو.