متن، ص : ١٤٣
وارد، بمكره وخدائعه، وتلبيسه «١» ووساوسه. تشبيها بالقاعد على مدرجة بعض السبل، ليخوف «٢» السالكين منها، ويعدل بالقاصدين عنها. والمراد : لأقعدن لهم على صراطك المستقيم، فلما حذف الجارّ انتصب الصراط.
والحذف هاهنا أبلغ فى الفصاحة، وأعرق فى أصول العربية. ونظيره قول الشاعر «٣» :
كما عسل الطريق الثعلب أي عسل فى الطريق.
وكل ما فى القرآن من ذكر سبيل اللّه سبحانه، فالمراد به الطريق المفضية إلى طاعته عاجلا، وإلى جنته آجلا.
[سورة الأعراف (٧) : آية ٢٢]
فَدَلاَّهُما بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَناداهُما رَبُّهُما أَلَمْ أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢)
وقوله سبحانه : فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ [٢٢]. وهذه استعارة. والمراد أنه أوقعهما فى أهوائه بغروره لهما. وكل واقع فى مثل ذلك فإنه نازل من علو إلى استفال، ومن كرامة إلى إذلال. فلذلك قال تعالى : فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ. وقد استقصينا الكلام على ذلك فى كتابنا الكبير، عند القول فيما اختلف العلماء فيه من ذنوب الأنبياء عليهم السلام.
[سورة الأعراف (٧) : آية ٢٦]
يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (٢٦)
وقوله تعالى : يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى، ذلِكَ خَيْرٌ [٢٦]

(١) فى الأصل «و تلبيته» ولا معنى لها. والصواب ما أثبتناه، لأن تلبيس إبليس هو ما يدلس به على الناس ليضلهم عن سبيل اللّه.
(٢) فى الأصل «لتخوف» وهو تحريف، لأن القاعد هو الذي يخوف السالكين.
(٣) هو الشاعر ساعدة بن جؤية يصف رمحا. والبيت كاملا هو :
لدن بهز الكف يعسل متنه فيه، كما عسل الطريق الثعلب انظر ابن هشام فى «أوضح المسالك» ج ٢ ص ١٦.


الصفحة التالية
Icon