متن، ص : ١٤٦
موضع آخر : وَأَوْرَثَكُمْ أَرْضَهُمْ وَدِيارَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ وَأَرْضاً لَمْ تَطَؤُها «١» وليس يصح فى إيراث الجنة مثل هذه المعاني التي ذكرناها، لأن الجنة لا يسكنها قوم بعد قوم قد فارقوها وانتقلوا عنها. فقوله سبحانه : أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها على الأصل الذي قدّمناه استعارة. ويكون المعنى الذي يسوغ هذه الاستعارة أن هؤلاء المؤمنين لما عملوا فى الدار الدنيا أعمالا استحقوا عليها الجزاء والثواب، ولم يصحّ أن يوفر عليهم ذلك إلا فى الجنة، وهى من الدار الآخرة، فكأنهم استحقوا دخولها. فحسن من هذا الوجه أن يوصفوا بأنهم أورثوها، وإن لم يكن سكناهم لها بعد سكنى قوم آخرين انتقلوا عنها. وسوّغ ذلك أيضا اختلاف حال الدارين، وانتقالهم من الأولى إلى الآخرة.
فكأنّ ما عملوه فى الدار الأولى كان سببا لما وصلوا إليه فى الدار الآخرة، كما يستحقّ الميراث بالسبب.
[سورة الأعراف (٧) : آية ٤٥]
الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ (٤٥)
وقوله تعالى : الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً [٤٥] وهذه استعارة، فإن «٢» سبيل اللّه سبحانه : دينه. ومعنى ويبغونها عوجا أي يبتغون عنها المتحاول، ويطلبون منها الفسح والمخارج، ويوهمون بالشبهات أنها معوجة غير قويمة، ومضطربة غير مستقيمة.
[سورة الأعراف (٧) : الآيات ٥٣ الى ٥٤]
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٥٣) إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (٥٤)
وقوله تعالى : خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ [٥٣] وقد مضى نظير ذلك فى أول السورة.
وقوله سبحانه : يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ [٥٤] «٣».
(٢) فى الأصل «بأن» وهو تحريف.
(٣) هنا قطعة ناقصة من الأصل تبلغ قدر ست ورقات من الآية رقم ٥٣ من الأعراف إلى الآية رقم ٦٤ من سورة التوبة.