متن، ص : ١٦٥
وقوله سبحانه :«١» وَإِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ [٨٤].
وهذه استعارة من وجهين : أحدهما وصف اليوم بالإحاطة، وليس بجسم فيصح وصفه بذلك. والوجه الآخر : أن لفظ محيط هاهنا كان يجب أن يكون من نعت العذاب، فيكون منصوبا. فجعله - سبحانه - من نعت اليوم فجاء مجرورا، فأما وصف اليوم بالإحاطة - وإن لم يتأتّ فيه ذلك - فالمراد به - واللّه أعلم - أنّ العذاب لما كان يعمّ المستحقّين له فى يوم القيامة حسن وصف ذلك اليوم بأنه محيط بهم أي أنه كالسياج المضروب بينهم وبين الخلاص من العذاب والإفلات من العقاب. وأما نقل نعت العذاب إلى نعت اليوم، فالوجه فيه أن العذاب لما كان واقعا فى ذلك اليوم كان ذلك اليوم كالمحيط به، لأنه ظرف لحلوله، ووقت لنزوله.
[سورة هود (١١) : الآيات ٨٦ الى ٨٧]
بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ (٨٦) قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ (٨٧)
وقوله سبحانه : بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [٨٦] وهذه استعارة. لأن حقيقة البقية تركة «٢» شىء من شىء قد مضى، ولا يجوز إطلاقه على اللّه سبحانه. فإذن يجب أن يكون المراد غير هذه الحقيقة. وقد قيل فى معنى ذلك وجوه : أحدها بقية اللّه من نعمته خير لكم. وقد قيل : بقية اللّه طاعة اللّه، وذلك لأنها تبقى رضاه وثوابه أبدا ما بقيت. وقيل بقية اللّه أي عفو اللّه عنكم ورحمته بكم «٣» بعد استحقاقكم العذاب، كما يقول العرب المتحاربون بعضهم لبعض، إذا استحرّ فيهم القتل، وأعضلهم الخطب : البقية! البقيّة! أي نسألكم البقية علينا والمكافأة لنا. والبقية هاهنا والإبقاء بمعنى واحد.

(١) فى الأصل «إنى أخاف عليكم» بدون واو وهى ناقصة من الناسخ.
(٢) فى الأصل «تركه» بالهاء لا بالتاء المربوطة.
(٣) فى الأصل «و رحمته لكم».


الصفحة التالية
Icon