متن، ص : ١٦٦
وقوله سبحانه : أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا، أَوْ أَنْ «١» نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا [٨٧] وهذه استعارة. لأن الصلاة لا يصح منها الأمر على الحقيقة، وإنما أطلق عليها ذلك، لأنها بمنزلة الآمر بالخير، والناهي عن الشر.
وقيل : المراد بذلك : أدينك يأمرك بهذا ؟ أي فى شريعتك ودينك الأمر بهذا ؟ فإذا كان ذلك فى عقد الدين حسن أن يضاف الأمر به إلى الدين :
وفى هذا الكلام أيضا مجاز آخر. وهو أنه تعالى قال : أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا [٨٧] وليس يصح على ظاهر الكلام أن يؤمر شعيب بأن يترك قومه شيئا هم عليه، وإنما المعنى - واللّه أعلم - أصلاتك تأمرك أن تأمرنا بترك ما يعبد آباؤنا ؟ فاكتفى بذكر الأمر الأول عن ذكر الأمر الثاني، لأنه كالمعلوم من فحوى الكلام.
وهذا من غوامض أسرار القرآن.
[سورة هود (١١) : آية ٩٢]
قالَ يا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (٩٢)
وقوله سبحانه : أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ، وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَراءَكُمْ ظِهْرِيًّا [٩٢]. فهذه استعارة. لأن اللّه سبحانه لا يجوز عليه أن يجعل ظهريا على الحقيقة. فالمراد أنكم جعلتم أمر اللّه سبحانه وراء ظهوركم. وهذا معروف فى لسان العرب أن يقول الرجل منهم لمن أغفل قضاء حاجته، أو ثنى عطفا على عذله وعتابه : جعلت حاجتى وراء ظهرك، وتركت مقالى دبر أذنك. أي لم تعن بحاجتي، ولم تصغ إلى معاتبتى.
[سورة هود (١١) : آية ٩٤]
وَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا شُعَيْباً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ (٩٤)
وقوله سبحانه وتعالى : وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ، فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ [٩٤]. وهذه استعارة، لأن حقيقة الأخذ إنما يوصف بها الأجسام. والصيحة عرض من الأعراض، لأنها بعض الأصوات، إلا أنها أقوى للأسماع صكا وقرعا،

(١) فى الأصل «و أن نفعل...» وهو تحريف من الناسخ. [.....]


الصفحة التالية
Icon