متن، ص : ١٦٨
دار إلى دار، على عادة المنتجع المسترفد أو الرجل المتزود، جاز أن يسمى رفدا، على طريق المجاز، كما قال تعالى : فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ «١» والبشارة فى الأعم الأغلب إنما تكون بالخير لا بالشر. ولكن لما جعل إخبارهم باستحقاق العذاب فى موضع البشارة لغيرهم باستحقاق الثواب جاز أن يسمى فى ذلك بشارة.
وقوله سبحانه : ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ [١٠٠].
وهذه استعارة. والمعنى : منها قائم البناء، خال من الأهل، ومنها منقوض الأبنية، ملحق بالأرض، تشبيها بالزرع المحصود. إلى هذا المعنى يومىء قوله تعالى : وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ «٢». وقوله سبحانه : وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها «٣». والعروش الأبنية. أي خالية من أهلها، على ما فيها من بواقى أبنيتها.
وقد يجوز أن يكون ذلك كناية عن أهل القرى، فكأنه سبحانه شبّه الأحياء الباقين بالزرع النامي، وشبّه الأموات الهالكين بالزرع الذاوي. وذلك أحسن تمثيل، وأوقع تشبيه.
[سورة هود (١١) : آية ١١٩]
إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩)
وقوله سبحانه : وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [١١٩]. وهذه استعارة. والمراد هاهنا بتمام كلمة اللّه سبحانه صدق وعيده الذي تقدّم الخبر به، وتمام وقوع مخبره مطابقا لخبره.

(١) سورة آل عمران. الآية رقم ٢١.
(٢) سورة الحج. الآية رقم ٤٥.
(٣) سورة البقرة. الآية رقم ٢٥٩.


الصفحة التالية
Icon