متن، ص : ١٧٢
[سورة يوسف (١٢) : آية ٤٨]
ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلاَّ قَلِيلاً مِمَّا تُحْصِنُونَ (٤٨)
وقوله سبحانه : ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذلِكَ سَبْعٌ شِدادٌ يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ، إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ [٤٨]. وهذه استعارة. والمراد بالسّبع الشداد : السّنون المجدبة.
ومعنى يَأْكُلْنَ ما قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ، أي ينفد فيهن ما ادخرتموه لهن من السنين المخصبة.
وجرى على ذلك عادة العرب فى قولهم : أكلت آل فلان السّنة. يريدون مسّهم الضر فى عام الجدب، وزمان الأزل «١». حتى كأنهم ليسمون السنة المجدبة : الضّبع.
فيقولون : أكلتهم الضّبع. أي نهكتهم سنة الجدب.
وقال بعضهم : إنما نسب تعالى الأكل إليهن لأن الناس يأكلون فيهن ما ادخروه، ويستنفدون ما أعدوه. كما يقال : يوم آمن. وليل خائف. أي يأمن الناس فى هذا، ويخافون فى هذا.
[سورة يوسف (١٢) : الآيات ٥٢ الى ٥٣]
ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ (٥٢) وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ ما رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ (٥٣)
وقوله سبحانه : لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ «٢» [٥٢]. [و هذه استعارة. لأنه تعالى أقام كيد الخائنين ] «٣» مقام الخابط فى طريق، ليصل إلى مضرة المكيدة وهو غافل عنه. فأعلمنا سبحانه أنه لا يهديه، بمعنى لا يوفقه لإصابة الغرض، ولا يسدده لبلوغ المقصد، بل يدعه يخبط فى ضلاله، ويتسكع فى متاهه، لأنه كالسّارى فى غير طاعة اللّه، فلا يستحق أن يهدى لرشد، ولا يتسدد لقصد.
وقوله سبحانه : وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي، إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ، إِلَّا ما رَحِمَ رَبِّي [٥٣]. وهذه استعارة. لأن النفس لا يصحّ أن تأمر على الحقيقة.

(١) الأزل : الضيق والشدة والداهية.
(٢) أصل الآية كاملة : ذلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي كَيْدَ الْخائِنِينَ.
(٣) كرر الناسخ هذه العبارة المحصورة بين حاصرتين مرة أخرى فى أثناء النسخ.


الصفحة التالية
Icon