متن، ص : ١٨٦
ويجوز أن ترد مخففة. لأنّ «أن» على أصلها قد تأتى مخففة ومثقلة. ويكون المعنى واحدا.
وكذلك «أن» المفتوحة. قال الشاعر «١» :
أكاشره وأعلم أن كلانا على ما ساء صاحبه حريص
وأراد «أنّ كلانا» فخفف. فإذا تقرر ذلك صار تقدير الكلام فى الآية : ونعم كان مكرهم لتزول منه الجبال. وقد وردت هذه اللام فى موضع ليس، لأن الحفيفة فيه تحمل «٢».
قال الفرّاء «٣» : سمعت العرب تقول : الكراء حينئذ لرخيص. ولم يقل : إن الكراء لرخيص. فيكون المراد : إن الجبال تزول من مكرهم استعظاما واستفظاعا، لو كانت مما يعقل الحال، ويقدر على الزوال. وهذه اللام هاهنا تومىء إلى معنى «تكاد» «٤»....

(١) تعبت كثيرا فى معرفة اسم هذا الشاعر وفى العثور على هذا البيت فى المراجع الكثيرة فلم أهتد بعد طول بحث.. فلعل اللّه يوفق من يدلنا عليه فنشكر صنيعه.
(٢) هنا الكلام ناقص، ولعل الناسخ أراد أن يكتب «لأن الخفيفة فيه تحمل محمل ما، وتكون اللام للجحود». وعبارة القرطبي فى هذا المقام واضحة دالة على الغرض حيث يقول فى جزء ٩ ص ٣٨٠ :
(إن : بمعنى ما. أي ما كان مكرهم لتزول منه الجبال. لضعفه ووهنه). ثم زاد القرطبي خمسة مواطن فى القرآن جاءت فيها «إن» بمعنى «ما» وهذا هو أحدها.
(٣) الفراء هو يحيى بن زياد أبو زكريا إمام الكوفيين وأعلمهم بالنحو واللغة والأدب. وكان فوق علمه باللغة والنحو فقيها متكلما مفسرا. وقد عهد إليه الخليفة المأمون بتربية ولديه. توفى سنة ٢٠٧.
وهناك فراء آخر اسمه الحسين بن مسعود البغوي اشتهر بالفقه والحديث والتفسير وتوفى سنة ٥١٠ ه وليس هو المقصود هنا، فقد ولد بعد وفاة الشريف الرضى بثلاثين عاما.
(٤) هنا قطعة مفقودة من الكتاب تبلغ ورقة تقريبا.


الصفحة التالية
Icon