متن، ص : ٢٠٤
وهذه استعارة. لأنهم يقولون : زهقت نفس فلان إذا خرجت. ومنه قوله تعالى : وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كافِرُونَ «١» فالمراد - واللّه أعلم - وهلك الباطل إنّ الباطل كان هلوكا. تشبيها له بمن فاضت نفسه، وانتقضت بنيته. لأن الباطل لامساك لذمائه، ولا سماك لبنائه.
[سورة الإسراء (١٧) : آية ٨٤]
قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ فَرَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَنْ هُوَ أَهْدى سَبِيلاً (٨٤)
وقوله سبحانه : قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ [٨٤] وهذه استعارة. لأن الأولى أن يكون المراد هاهنا بالشاكلة - واللّه أعلم - الطريقة التي تشاكل أخلاق الإنسان، وتوافق طبيعته. وذلك مأخوذ من الشاكلة، وجمعها شواكل، وهى الطرق المتّسعة «٢» عن المحجة العظمى. فكأن الدنيا هاهنا مشبّهة بالطريق الأعظم، وعادات الناس فيها، وطبائعهم التي جبلوا عليها مشبهة بالطرق المختلجة من ذلك الطريق، الذي هو المعمود وإليه الرجوع.
وقال بعضهم : الشاكلة العلامة، وأنشد :
بدت شواكل حبّ كنت تضمره فى القلب أن هتفت فى الدّار ورقاء «٣»
فكأنه تعالى قال : كلّ يعمل على الدلالة التي نصبت لاستدلاله، والأمارة التي رفعت لاهتدائه.
[سورة الإسراء (١٧) : آية ١٠٠]
قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً (١٠٠)
وقوله سبحانه : قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ [١٠٠] وهذه استعارة، والمراد بالخزائن هاهنا المواضع التي جعلها اللّه سبحانه وتعالى
(٢) هكذا بالأصل. ولعلها : المتشعبة.
(٣) لم أهتد إلى قائل هذا البيت.