متن، ص : ٢١٨
[سورة الكهف (١٨) : آية ١٠١]
الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وَكانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً (١٠١)
وقوله سبحانه : الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي [١٠١] وهذه استعارة. وليس المراد أن عيونهم على الحقيقة كانت فى غطاء يسترها وحجاز يحجزها.
وإنما المعنى أنهم كانوا ينظرون فلا يعتبرون، أو تعرض لهم العبر فلا ينظرون. ومن الدليل على ذلك قوله تعالى : عَنْ ذِكْرِي لأن الأعين لا توصف بأنها فى غطاء عن ذكر اللّه تعالى، لأن ذلك من صفات ذوى العيون. وإنما المراد أن أعينهم كانت تذهب صفحا عن مواقع العبر، فلا يفكرون فيها، ولا يعتبرون بها، فيذكرون اللّه سبحانه عند إجالة أفكارهم، وتصريف خواطرهم. وهذا من غرائب القرآن وعجائبه، وغوامض هذا الكلام ومناسبه.
[سورة الكهف (١٨) : الآيات ١٠٤ الى ١٠٥]
الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً (١٠٤) أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً (١٠٥)
وقوله سبحانه : الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا، وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً [١٠٤] وهذه استعارة. وأصل الضلال ذهاب القاصد عن سنن «١» طريقه.
فكأنّ سعيهم لما كان فى غير الطريق المؤدية إلى رضا اللّه سبحانه، حسن أن يوصف بالضلال، والعدول عن سنن الرشاد.
وقوله سبحانه : أُولئِكَ «٢» الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ، فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ، فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً [١٠٥]. وفى هذه الآية استعارتان إحداهما قوله سبحانه : بِآياتِ رَبِّهِمْ وَلِقائِهِ وتأويل لقائه هاهنا على وجهين : أحدهما أن يكون فيه مضاف محذوف. فكأنه تعالى قال : ولقاء ثوابه وعقابه. أو جنّته وناره.
والوجه الآخر أن يكون معنى ذلك رجوعهم إلى دار لا أمر فيها لغير اللّه سبحانه. فيصيرون إليها من غير أن يكون لهم عنها محيص، أودونها محيد. وذلك مأخوذ من مقابلتك الشيء من غير أن تصرف عنه وجهك يمينا ولا شمالا.

(١) فى الأصل «سر» وهو تحريف من الناسخ.
(٢) فى الأصل بدئت الآية بغير لفظة أولئك وهو تحريف من الناسخ.


الصفحة التالية
Icon