متن، ص : ٢٢١
ومن السورة التي يذكر فيها موسى عليه السلام وهى «طه»
[سورة طه (٢٠) : آية ١٥]
إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها لِتُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما تَسْعى (١٥)
قوله سبحانه : إِنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكادُ أُخْفِيها [١٥] وهذه استعارة على أحد التأويلين. وهو مما سمعته من شيخنا أبى الفتح النحوي «١»، عفا اللّه عنه. قال : الذي عليه حذّاق أصحابنا : أنّ كاد هاهنا على بابها من معنى المقاربة. إلا أن قوله تعالى : أخفيها يؤول إلى معنى الإظهار. لأن المراد به : أكاد أسلبها خفاءها. والخفاء : الغشاء والغطاء. مأخوذ من خفاء «٢» القربة، وهو الغشاء الذي يكون عليها.
فإذا سلب عن الساعة غطاؤها المانع من تجليها ظهرت للناس فرأوها. فكأنه تعالى قال : أكاد أظهرها. قال لى : وأنشدنى أبو على «٣» منذ أيام بيتا هو من أنطق الشواهد على الغرض الذي رمينا. وكان سماعى ذلك من أبى الفتح رحمه اللّه، وأبو على حينئذ باق لم يمت. وهو قول الشاعر «٤».
لقد علم الأيقاظ أخفية الكرى تزجّجها من حالك واكتحالها
(٢) الخفاء : الغطاء : وجمعه أخفية.
(٣) أبو على هو أبو على الفارسي، واسمه الحسن بن أحمد بن عبد الغفار، كان إماما فى العربية. وكان يسأل فى كل بلد يحل فيه عن مسائل من اللغة والنحو والصرف فيجيب إجابات سديدة. وصنف فى أسئلة كل بلد كتابا. وقد تعاصر المؤلف وابن جنى وأبو على الفارسي. وكان المؤلف شابا ناشئا حين تقدمت السن بأبى على الفارسي الذي توفى سنة ٣٧٧ ه على حين أن الشريف الرضى ولد سنة ٣٥٩ ه.
(٤) هذا البيت لم يذكر له قائل. وهو من أبيات الشواهد فى «لسان العرب» ولم ينسب لقائله.
وأخفية النور : أكمته. وأخفية الكرى : الأعين.