متن، ص : ٢٣٤
عليها أن تكون «١» من الحجارة، حسن أن يسمّى الرمي بها فى نار جهنم حصبا، وتسميتها حصبا إذ كانت حجارة ومن جنس الحصباء، وجاز أن يسمّى قذف العابدين لها فى النار أيضا بذلك، حملا على حكمها، وإدخالا فى جملتها.
والفائدة فى قذف الأصنام مع عابديها فى نار جهنم أن يكون من زيادات عقابهم، ورجحانات عذابهم، لأنهم إذا كثرت مشاهدتهم لها فى أحوال العذاب كان ذلك أعظم لحسرتهم على عبادتها، وندمهم على الدعاء إليها.
وقد قيل أيضا إنها إذا حميت بوقود النار - نعوذ باللّه منها - لصقت بأجسامهم، فكانت من أقوى أسباب الإيلام لهم. وعلى هذا التأويل حمل جماعة من المفسرين قوله تعالى : فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ «٢» وقوله سبحانه : يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ «٣». وهذه استعارة والمراد بها على أحد القولين : إبطال السماء ونقض بنيتها، وإعدام جملتها. من قولهم :
طوى الدّهر آل فلان. إذا أهلكهم «٤»، وعفّى آثارهم. وعلى القول الآخر يكون الطّىّ هاهنا على حقيقته فيكون المعنى : إن عرض السموات يطوى «٥» حتى يجتمع بعد انتثاره، ويتقارب بعد تباعد أقطاره. فيصير كالسجل المطوى، وهو ما يكتب فيه من جلد، أو قرطاس، أو ثوب، أو ما يجرى مجرى ذلك. والكتاب هاهنا مصدر، كقولهم :
(٢) سورة البقرة. الآية رقم ٢٤.
(٣) «للكتاب» بالإفراد، هى قراءة نافع أما قراءة الجمع «للكتب» فهى قراءة حفص وحمزة والكسائي ويحيى وخلف
(٤) فى : الأصل (أهلكم) وهو تحريف من الناسخ.
(٥) فى الأصل :(تطوى) وهو تحريف.