متن، ص : ٢٤٤
ومن السورة التي يذكر فيها «النور»
[سورة النور (٢٤) : آية ٢٤]
يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (٢٤)
... [و قوله سبحانه : يَوْمَ تَشْهَدُ] «١» عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ [٢٤]. وهذه استعارة على أحد التأويلات الثلاثة، وهو أنه سبحانه يجعل فى الأيدى التي بسطت إلى المحظورات، والأرجل التي سعت إلى المحرمات، علامة تقوم مقام النطق المصرّح، واللسان المفصح، فى الشهادة على أصحابها، والاعتراف بذنوبها.
فأما شهادة الألسنة فقد قيل إن المراد بها إقرارهم على نفوسهم بما واقعوه من المعاصي، إذ علموا أن الكذب لا ينفعهم، والجحود لا يغنى عنهم.
وليس ذلك بمناقض لقوله سبحانه : الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ «٢» لأنه قد قيل فى ذلك إنه جائز أن تخرج ألسنتهم من أفواههم فتنطق بمجرّدها، من غير اتصال بجوزاتها ولهواتها. فيكون ذلك أعجب لها، وأبلغ فى معنى شهادتها. ويختم فى تلك الحال على أفواههم.
وقيل يجوز أن يكون الختم على الأفواه إنما هو فى حال شهادة الأيدى والأرجل، بعد ما تقدم من شهادة الألسن.
وأما التأويلان الآخران فى معنى شهادة الأيدى والأرجل، فالكلام يخرج بهما عن حد الاستعارة إلى الحقيقة. وذلك أنهم قالوا : إن اللّه سبحانه يبنى الأيدى والأرجل بنية تكون هى الناطقة بما تشهد به عليهم، من غير أن يكون النطق منسوبا إليهم.
(٢) سورة يس. الآية رقم ٦٥.