متن، ص : ٢٤٦
[سورة النور (٢٤) : آية ٣٩]
وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ (٣٩)
وقوله سبحانه : وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً، حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً، وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ، وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسابِ [٣٩].
قوله تعالى : وَوَجَدَ اللَّهَ استعارة ومجاز. والمعنى : فوجد وعيد اللّه سبحانه عند انتهائه إلى منقطع عمله السيّء، فكاله بصواعه، وجازاه بجزائه. وذلك يكون يوم المعاد، وعند انقطاع تكليف العباد.
وقد قيل أيضا : إن الضمير في قوله تعالى : عِنْدَهُ يعود إلى الكافر لا إلى عمله، فكأنه تعالى قال : فوجد اللّه قريبا منه، أي وجد عقابه مرصدا له، فأخذه من كثب، وجازاه بما اكتسب. وذلك كقول القائل : اللّه عند لسان كل قائل. أي يجازيه على قول الحق بالثواب، وعلى قول الباطل بالعقاب. والقولان جميعا يؤولان إلى معنى واحد.
[سورة النور (٢٤) : الآيات ٤٣ الى ٤٤]
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصارِ (٤٣) يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (٤٤)
وقوله سبحانه : وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ مِنْ جِبالٍ فِيها مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ، وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ [٤٣]. وهذه استعارة على بعض التأويلات. لأن الجبال هاهنا يراد بها السحاب الثّقال، تشبيها لها بكثائف أطوادها، ومشارف هضابها.
ويكون الضمير فى قوله سبحانه : مِنْ جِبالٍ فِيها عائدا على السماء لا على الجبال.
فكأنّ التقدير : وينزل من جبال من السماء من برد، يريد من السحاب المشبهة بالجبال.
وتكون الفائدة فى قوله من جبال فى السماء تخصيص تلك الجبال من جبال الأرض.
لأنا لو جعلنا الضمير الذي فيها عائدا على الجبال أوهم أنها جبال تنزل إلى الأرض من السماء. فإذا جعلنا الضمير عائدا إلى السماء أمن الالتباس، وكان فى ذلك أيضا تعجّب لنا