متن، ص : ٢٥٣
ومعنى السّبات : قطع الأعمال، والرّاحة من الأشغال. والسّيت فى كلامهم :
القطع.
والاستعارة الأخرى قوله تعالى : وَجَعَلَ النَّهارَ نُشُوراً والنشور فى الحقيقة :
الحياة بعد الموت. وهو هاهنا مستعار الاسم لتصرّف الحىّ وانبساطه، تشبيها للنوم بالممات، واليقظة بالحياة. وذلك من أوقع التشبيه، وأحسن التمثيل.
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٤٩]
لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنا أَنْعاماً وَأَناسِيَّ كَثِيراً (٤٩)
وقوله سبحانه : لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً [٤٩] وهذه استعارة. وقد مضت الإشارة إلى نظيرها فى (الأعراف) «١».
ووصف البلدة بالموت هاهنا محمول على أحد وجهين : إما أن تكون إنما شبّهت بالميت من فرط يبسها، لتسلّط المحل عليها، وتأخر الغيث عنها. أو يكون فيها من النبات والشجر لما مات لانقطاع الماء عنه حسن أن توصف هى بالموت لموت بنيها، لأنها كالأم التي تكلفه، والظّئر التي ترضعه.
[سورة الفرقان (٢٥) : آية ٥٣]
وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ وَجَعَلَ بَيْنَهُما بَرْزَخاً وَحِجْراً مَحْجُوراً (٥٣)
وقوله سبحانه : وَهُوَ الَّذِي مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ هذا عَذْبٌ فُراتٌ وَهذا مِلْحٌ أُجاجٌ [٥٣] وهذه استعارة. والمراد بذلك - واللّه أعلم - أنه خلّاهما من مذاهبهما، وأرسلهما فى مجاريهما، كما تمرج الخيل أي «٢» تخلّى فى المروج مع مراعيها.
فكان وجه الأعجوبة من ذلك أنه سبحانه مع التخلية بينهما فى تقاطعهما، والتقائهما فى مناقعهما، لا يختلط الملح بالعذب، ولا يلتبس العذب بالملح.
(٢) فى الأصل «أن» وهو تحريف من الناسخ.