تلخيص البيان، متن، ص: ٢٦٢
يراد به التعامي عن الحق، والذهاب صفحا عن النظر والفكر، إمّا قصدا وتعمدا، أو جهلا وعمى.
وإنما أجرى الجهل مجرى العمى فى هذا المعنى، لأن كل واحد منهما يمنع بوجوده من إدراك الشي ء على ما هو به. إذ الجهل مضادّ للعلم والمعرفة، والعمى مناف للنظر والرؤية. وإنما قال سبحانه: بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ ولم يقل: عنها، لأن المراد أنهم يشكّون فيها، ويمترون فى صحّتها، فهم فى عمى منها ولا يصلح أن يكون فى هذا الموضع: عنها. لأنه ليس المراد ذكر عماهم عن النظر إليها، وإنما القصد ذكر عماهم بالشك فيها. وهذا من لطائف المعاني «١».
[سورة النمل (٢٧): آية ٧٢]
قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ (٧٢)
وقوله سبحانه: قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ [٧٢] وهذه استعارة. لأن حقيقة الرّدف هى حمل الإنسان غيره مما يلى ظهره على مركوب «٢»....
فالمراد بقوله سبحانه: رَدِفَ لَكُمْ هاهنا - واللّه أعلم - أي عسى أن يكون العذاب الذي تتوقعونه قد قرب منكم. وهو فى آثاركم، ولا حق بكم.
وقد قيل أيضا إن المراد بردف لكم. أي ردفكم. فصار العذاب فى الالتصاق بكم كالمرادف لكم. والمعنى واحد.

_
(١) فى الأصل: «المغالى» وهو تحريف بين.
(٢) هنا سطر غير واضح الكلام ولا ملتثم السياق.


الصفحة التالية
Icon