تلخيص البيان، متن، ص: ٢٦٥
بتوفيق اللّه ومشيئته، إلا أننا نشير إلى بعض ذلك هاهنا إشارة تليق بغرض هذا الكتاب فى طريقة الاختصار، وخوف الإكثار «١»....
وقال بعضهم: المراد بذلك تفخيم شأن الأمانة وأن منزلتها منزلة ما لو عرض على هذه الأشياء المذكورة مع عظمها، وكانت تعلم ما فيها، لأبت [أن «٢»] تحملها وأشفقت كل الإشفاق منها. إلا أن هذا الكلام خرج مخرج الواقع لأنه أبلغ من المقدر. وقال بعضهم: عرض الشي ء على الشي ء ومعارضته سواء. والمعارضة، والمقابلة، والمقايسة، والموازنة بمعنى واحد. فأخبر اللّه سبحانه عن عظم أمر الأمانة وثقلها، وأنها إذا قيست بالسماوات والأرض والجبال «٣» ووزنت بها رجحت عليها. ولم تطق حملها، ضعفا عنها.
وذلك معنى قوله تعالى: فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها ومن كلامهم: فلان يأبى الضيم. إذا كان لا يحتمله. فالإباء هاهنا هو ألّا يقام بحمل الشي ء. والإشفاق فى هذا الموضع هو الضعف عن الشي ء، ولذلك كنى به عن الخوف الذي هو ضعف القلب. فقالوا:
فلان مشفق من كذا. أي خائف منه، يقول سبحانه: فالسموات والأرض والجبال لم تحمل الأمانة ضعفا عنها، وحملها الإنسان، أي تقلّدها وقارف «٤» المآثم فيها، للمعروف من كثرة جهله، وظلمه لنفسه.
(١) وهنا بضعة أسطر ممحوة الأنصاف.
(٢) ليست بالأصل. وقد زدناها لأن السياق يتطلبها.
(٣) فى الأصل «وزنت» بواو واحدة. وهو تحريف، لأنها معطوفة على الفعل قيست.
(٤) فى الأصل «و تعارق» وهو تحريف. ولعل الصواب ما استظهرناه. فإن مقارفة الآثام هى ركوبها واقترافها.