متن، ص : ٢٧٥
النوم أكثر من الموت، والاستيقاظ أكثر من الإحياء بعد الموت. لأن الإنسان الواحد يتكرر عليه النوم واليقظة مرات، وليس كذلك حال الموت والحياة.
[سورة يس (٣٦) : آية ٦٦]
وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (٦٦)
وقوله سبحانه : وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ، فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ [٦٦]. وهذه استعارة. والمراد بالطمس هاهنا : إذهاب نور الأبصار حتى يبطل إدراكها، تشبيها بطمس حروف الكتاب، حتى تشكل قراءتها.
وفيه أيضا زيادة معنى، لأنه يدلّ على محو آثار عيونهم، مع إذهاب أبصارها، وكسف أنوارها. وقيل معنى الطّمس إلحام الشقوق التي بين الأجفان حتى تكون مبهمة، لا شقّ فيها، ولا شفر لها. يقولون : أعمى مطموس وطميس، إذا كان كذلك.
[سورة يس (٣٦) : آية ٦٨]
وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ (٦٨)
وقوله سبحانه : وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ [٦٨] وقرىء :
ننكّسه بالتشديد. وهذه استعارة. والمراد - واللّه أعلم - أنّا نعيد الشيخ الكبير إلى حال الطفل الصغير فى الضّعف بعد القوّة، والتثاقل بعد النهضة، والإخلاق «١» بعد الجدّة.
تشبيها بمن انتكس على رأسه، فصار أعلاه سفلا، وأسفله علوا.
[سورة يس (٣٦) : الآيات ٧٠ الى ٧١]
لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ (٧٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ (٧١)
وقوله سبحانه : لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا وَيَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ [٧٠] وهذه استعارة. والمراد بالحي هاهنا : الغافل الذي يستيقظ إذا أوقظ، ويتّعظ إذا وعظ.
فسمّى سبحانه المؤمن «٢» الذي ينتفع بالإنذار حيا لنجاته، وسمّى الكافر الذي لا يصغى إلى الزواجر ميتا لهلكه.
وقوله سبحانه : أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا خَلَقْنا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ أَيْدِينا أَنْعاماً فَهُمْ لَها مالِكُونَ [٧١] وهذه استعارة. والمراد بذكر الأيدى هاهنا قسمان من أقسام اليد فى اللغة

(١) الإخلاق : كون الشيء خلقا باليا بعد جدته.
(٢) فى الأصل :«للون» وهو تحريف من الناسخ. والتصويب مما يقتضيه السياق والمقابلة بين المؤمن والكافر، والحي والميت.


الصفحة التالية
Icon