متن، ص : ٢٨١
ابن موسى «١» الخوارزمي - أدام اللّه توفيقه - عند بلوغي عليه فى القراءة من مختصر أبى جعفر الطحاوي «٢» إلى هذه المسألة : سألت أبا على الفارسي النحوي «٣» وأبا الحسن على ابن عيسى الرماني «٤» : هل يقتضى ظاهر الآية إلصاق الفعل بجميع المحل أو بالبعض ؟
فقالا جميعا : إذا ألصق الفعل ببعض المحل تناوله الاسم. قال : وهذا يدل على الاقتصار على مسح بعض الرأس كما يقوله أصحابنا.
[سورة ص (٣٨) : آية ٤٥]
وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ (٤٥)
وقوله سبحانه : وَاذْكُرْ عِبادَنا إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الْأَيْدِي وَالْأَبْصارِ [٤٥] وهذه استعارة. والمراد بها - واللّه أعلم - أولى القوى فى العبادة، والبصائر فى الطاعة.
ولا يجوز أن يكون المراد بالأبصار هاهنا الجوارح والحواس، لأن سائر الناس يشاركون الأنبياء عليهم السلام فى خلق ذلك لهم. ولا يحسن مدح الإنسان بأن له يدا وقدما وعينا وفما. وإنما يحسن أن يمدح بأن له نفسا شريفة، وهمة منيفة، وأفعالا جميلة، وخلالا محمودة.
وقيل أيضا معنى أولى الأيدى : أي أولى النّعم فى الدين، لأن ورود اليد بمعنى النعمة

(١) كدت أيأس من الحصول على ترجمة له إلى أن وجدته «فى تاريخ بغداد» ج ٣ ص ٢٤٧.
قالوا : ما شاهد الناس مثله فى حسن الفتوى والإصابة فيها وحسن التدريس، وقد دعى إلى ولاية الحكم مرارا فامتنع منه. توفى سنة ٤٠٣ ه أي قبل وفاة الشريف الرضى بثلاث سنوات.
(٢) هو الإمام أبو جعفر الطحاوي المصري، برع فى الفقه والحديث، وإليه انتهت رياسة الحنفية بمصر، وتفقه فى مذهب الإمام أبى حنيفة حتى صار إماما. توفى سنة ٣٢١ ه
(٣) هو الحسن بن أحمد بن عبد الغفار الفارسي كان إماما فى النحو والعربية. وتقدمت ترجمته فى الهامش عند الكلام على سورة طه.
(٤) هو مفسر ونحوى كبير، ولد ببغداد وتوفى بها سنة ٣٨٤ ه وله كتب «التفسير» و«شرح أصول ابن السراج» و«شرح سيبويه» و«معانى الحروف» وترجمته فى «بغية الوعاة» و«ابن خلكان» و«الأعلام» للزركلى.


الصفحة التالية
Icon