متن، ص : ٢٨٧
فتى لو ينادى الشّمس ألقت قناعها أو القمر السّارى لألقى المقالدا
أي لسلم العلوّ إليه، واعترف له به.
وقال بعض العلماء : ليس قول الشاعر هاهنا : ينادى الشمس، من النداء الذي هو رفع الصوت، وإنما هو من المجالسة. تقول : ناديت فلانا. إذا جالسته فى النادي. فكأنه قال : لو يجالس الشمس لألقت قناعها شغفا به، وتبرجا له. وهذا من غريب القول.
[سورة الزمر (٣٩) : آية ٦٧]
وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٦٧)
وقوله سبحانه : وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ، وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ [٦٧] وهاتان استعارتان. ومعنى قبضته هاهنا أي ملك له وخالص، قد ارتفعت عنه أيدى المالكين من بريته، والمتصرفين فيه من خليقته. وقد ورث تعالى عباده ما كان ملكهم فى دار الدنيا من ذلك، فلم يبق ملك إلا انتقل، ولا مالك إلا بطل.
وقيل أيضا : معنى ذلك أن الأرض فى مقدوره، كالذى يقبض عليه القابض، فتستولى عليه كفه، ويجوزه ملكه، ولا يشاركه فيه غيره.
ومعنى قوله تعالى : وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ أي مجموعات فى ملكه، ومضمومات بقدرته. واليمين هاهنا بمعنى الملك. يقول القائل : هذا ملك يمينى. وليس يريد اليمين التي هى الجارحة. وقد يعبرون عن القوة أيضا باليمين. فيجوز على هذا التأويل أن يكون معنى قوله سبحانه : مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ أي يجمع أقطارها ويطوى انتشارها بقوته، كما قال سبحانه : يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ «١». وقيل فى اليمين هاهنا وجه آخر. وهو أن تكون بمعنى القسم. لأنه سبحانه لما قال فى «الأنبياء» : يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ لِلْكُتُبِ كَما بَدَأْنا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنا إِنَّا كُنَّا فاعِلِينَ
آية ١٠٤.