متن، ص : ٣٠١
كما يقال : قد أحيا البشر. ولا يقال : أنشر اللّه النبات، كما يقال : أنشر الأموات.
[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٢٦ الى ٢٨]
وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ (٢٦) إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (٢٧) وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ (٢٨)
وقوله سبحانه : وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [٢٨] وهذه استعارة. لأن الكلام الذي هو الأصوات المقطّعة، والحروف المنظومة، لا يجوز عليه البقاء. وإنما المراد - واللّه أعلم - أن إبراهيم عليه السلام جعل الكلمة التي قالها لأبيه وقومه وهى قوله : إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ، إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ [٢٦، ٢٧] باقية فى عقبه، بأن وصّى بها ولده، وأمرهم أن يتواصوا بها ما تناقلتهم الأصلاب، وتناسختهم الأدوار. وهذه الكلمة هى «١» كلمة الإخلاص والتوحيد. واللّه أعلم.
[سورة الزخرف (٤٣) : آية ٤٥]
وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ (٤٥)
وقوله سبحانه : وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ [٤٥] وهذا الكلام أيضا داخل فى قبيل الاستعارة. لأن مسألة الرسل الذين درجت قرونهم وخلت أزمانهم غير ممكنة. وإنما المراد - واللّه أعلم - واسأل أصحاب من أرسلنا من قبلك من رسلنا، أو استعلم ما فى كتبهم، وتعرّف حقائق سننهم.
وذلك على مثال : وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ «٢».
وقال بعضهم : مسألة الرسل هاهنا بمعنى المسألة عنهم، عليهم السلام، وعمّا أتوا به من شريعة، وأقاموه من عماد سنّة. وقد يأتى فى كلامهم : اسأل كذا. أي اطلبه، واسأل عنه.
قال سبحانه : وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا «٣» أي مسئولا عنه.
(٢) سورة يوسف. الآية رقم ٨٢.
(٣) سورة الإسراء. الآية رقم ٣٤.