متن، ص : ٣١١
وأحدّ بعد كلال ونبوّ. فهذا معنى قوله سبحانه : فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ.
[سورة ق (٥٠) : آية ٣٠]
يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (٣٠)
وقوله تعالى : يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ
[٣٠].
وهذه استعارة. لأن الخطاب للنار والجواب منها فى الحقيقة لا يصحان. وإنما المراد - واللّه أعلم - أنها فيما ظهر من امتلائها، وبان من اغتصاصها بأهلها، بمنزلة الناطقة بأنه لا مزيد فيها، ولا سعة عندها. وذلك كقول الشاعر :«١»
امتلأ الحوض وقال قطنى مهلا رويدا قد ملأت بطني
ولم يكن هناك قول من الحوض على الحقيقة، ولكن المعنى أن ما ظهر من امتلائه فى تلك الحال جار مجرى القول منه، فأقام تعالى الأمر المدرك بالعين، مقام القول المسموع بالأذن.
وقيل : المعنى أنا نقول لخزنة جهنم هذا القول، ويكون الجواب منهم على حدّ الخطاب. ويكون ذلك من قبيل : وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ «٢» فى إسقاط المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه. وذلك كقولهم : يا خيل اللّه اركبي. والمراد يا رجال اللّه اركبي.
وعلى القول الأول يكون مخرج هذا القول لجهنم على طريق التقرير لاستخراج الجواب بظاهر الحال، لا على طريق الاستفهام والاستعلام. إذ كان اللّه سبحانه قد علم امتلاءها قبل أن يظهر ذلك فيها. وإنما قال سبحانه هذا الكلام ليعلم الخلائق صحة وعده، إذ يقول تعالى : لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ «٣». والوجه

(١) لم أهتد إلى اسم قائل هذا الرجز. وفى «الجامع لأحكام القرآن» ج ١٧ ص ١٨ لم ينسبه لقائله. بل قال : إنه لشاعر.
(٢) سورة يوسف : الآية رقم ٨٢.
(٣) سورة هود. الآية رقم ١١٩.


الصفحة التالية
Icon