متن، ص : ٣٢٩
فيها، تعوّذا بظاهر الإسلام الذي يسع من دخل فيه، ويعيذ «١» من تعوّد به.
[سورة المجادلة (٥٨) : الآيات ٢١ الى ٢٢]
كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢١) لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٢٢)
وقوله سبحانه : كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي، إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ [٢١] وهذه استعارة. والمراد بالكتابة هاهنا الحكم والقضاء. وإنما كنى تعالى عن ذلك بالكتابة، مبالغة فى وصف ذلك الحكم بالثبات، وأنّ بقاءه كبقاء المكتوبات.
وقوله سبحانه : أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ [٢٢] وفى هذا الكلام استعارتان، إحداهما قوله تعالى : أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ ومعناه أنه ثبّته فى قلوبهم، وقرّره فى ضمائرهم، فصار كالكتابة الباقية، والرّقوم الثابتة، على ما أشرنا إليه من الكلام على الاستعارة المتقدمة. وذلك كقول القائل : هو أبقى من النقش فى الحجر، ومن النقش فى الزّبر.
والاستعارة الأخرى قوله تعالى : وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ولذلك وجهان : إمّا أن يكون المراد بالروح هاهنا القرآن، لأنه حياة فى الأديان، كما أنّ الروح حياة فى أمر الأبدان. وقال سبحانه : وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا «٢» والمراد القرآن.
والوجه الآخر أن يكون الروح هاهنا معنى النّصر والغلبة والإظهار للدولة. وقد يعبّر عن ذلك بالريح. والرّوح والريح يرجعان إلى معنى واحد. وقال سبحانه : وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ «٣» أي دولتكم واستظهاركم.
(٢) سورة الشورى. الآية رقم ٥٢.
(٣) سورة الأنفال الآية رقم ٤٦.