متن، ص : ٣٣٢
[سورة الممتحنة (٦٠) : آية ١٠]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (١٠)
وقوله سبحانه : وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ [١٠] وقرأ أبو عمرو وحده تُمْسِكُوا بالتشديد، وقرأ بقية السبعة تُمْسِكُوا بالتخفيف. وهذه استعارة. والمراد بها : لا تقيموا على نكاح المشركات، وخلاط الكافرات، فكنى سبحانه عن العلائق التي بين النساء والأزواج بالعصم، وهى هاهنا بمعنى الحبال، لأنها تصل بعضهم ببعض، وتربط بعضهم إلى بعض. وإنما سميت الحبال عصما، لأنها تعصم المتعلق بها والمستمسك بقوّتها. وقال الشاعر :
وآخذ من كل حىّ عصم
أي حبالا. وهى بمعنى العهود فى هذا الشعر.
وقال أبو عبيدة : العصمة : الحبل والسّبب. وقال غيره : العصم : العقد. فكأنه تعالى قال : ولا تمسّكوا بعقد الكوافر، أي بعقود نكاحهن. وأبو حنيفة يستشهد بهذه الآية على أنه لا عدّة فى الحربية إذا خرجت إلى دار الإسلام مسلمة، وبانت من زوجها بتخليفها له فى دار الحرب كافرا : ويقول إن فى الاعتداد منه تمسّكا بعصمة الكافر التي وقع النهى عن التمسك بها. ويذهب أن الكوافر هاهنا جمع فرقة كافرة، كما أن الخوارج جمع فرقة خارجة. ليصحّ حمل الكوافر على الذكور والإناث.
ويكون قوله تعالى : وَلا تُمْسِكُوا خطابا للنبى صلّى اللّه عليه وسلم والمؤمنين. والمعنى :
ولا تأمروا النساء بالاعتداد من الكفار، فتكونوا كأنكم قد أمرتموهنّ بالتمسك بعصمهم.
وقال أبو يوسف «١» ومحمد «٢» يجب عليها العدّة.
تولى القضاء ببغداد فى أيام المهدى والهادي والرشيد وهو أول من لقب بقاضى القضاة فى الإسلام، وأول من وضع الكتب فى الفقه الحنفي. توفى سنة ١٨٢ ه.
(٢) محمد هو محمد بن الحسن بن واقد الشيباني، كان إماما فى الفقه والأصول، وهو صاحب أبى حنيفة وناشر علمه ومذهبه. تولى القضاء فى زمن الرشيد، ثم صحبه إلى خراسان فمات فى الري سنة ١٨٩ ه. [.....]