تلخيص البيان، متن، ص: ٣٣٧
ومهمهين قذفين مرتين ظهراهما مثل ظهور التّرسين
وقال اللّه سبحانه فى موضع آخر: وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما «١» وإنما أراد سبحانه قطع يمين السارق، ويمين السارقة. وذلك مشهور فى اللغة.
[سورة التحريم (٦٦): آية ٨]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا أَتْمِمْ لَنا نُورَنا وَاغْفِرْ لَنا إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْ ءٍ قَدِيرٌ (٨)
وقوله سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً [٨] وهذه استعارة. لأن نصوحا من أسماء المبالغة. يقال: رجل نصوح. إذا كان كثير النصح لمن يستنصحه. وذلك غير متأت فى صفة التوبة على الحقيقة. فنقول: إن المراد بذلك - واللّه أعلم - أنّ التوبة لما كانت بالغة غاية الاجتهاد فى تلافى ذلك الذّنب «٢»، كانت كأنها بالغة غاية الاجتهاد فى نصح صاحبها، ودلالته على طريق النجاة بها. فحسن أن تسمّى «نصوحا» من هذا الوجه.
وقال بعضهم: النّصوح: هى التوبة التي يناصح الإنسان فيها نفسه، ويبذل مجهوده فى إخلاص الندم، والعزم على ترك معاودة الذنب. وقرأ أبو بكر بن عياش «٣» عن عاصم «٤»: نَصُوحاً بضم النون. على المصدر. وقرأ بقية السبعة نَصُوحاً بفتح النون على صفة التوبة.
_________
(١) سورة المائدة. الآية رقم ٣٨.
(٢) فى الأصل «المذنب» وهو تحريف.
(٣) أبو بكر بن عياش. واسمه شعبة هو إمام فى اللغة والقراءات، وكان راوى عاصم وإماما من أئمة السنة توفى سنة ١٩٣ ه. له ترجمة موجزة فى «الأعلام»، و«النشر»، و«القراءات واللهجات» لعبد الوهاب حمودة، و«الفهرست» لابن النديم.
(٤) هو عاصم بن أبى النجود الكوفي الأسدى أحد القراء السبعة، كان ثقة فى القراءات. وله اشتغال بحديث رسول اللّه. توفى سنة ١٢٧ ه وقد روى عنه أبو بكر بن عياش. وله ترجمة فى «تهذيب التهذيب» و«الوفيات» و«الأعلام» للزركلى، و«القراءات واللهجات «لعبد الوهاب حمودة.