متن، ص : ٣٤٥
جاءوا به على النّسب، ولم يجيئوا به على الفعل. وعلى ذلك قول النابغة الذّبيانى «١» :
كلينى لهمّ يا أميمة ناصب وليل أقاسيه بطيء الكواكب
أي : ذى نصب. قال فكأن العيشة أعطيت من النعيم حتى رضيت، فحسن أن يقال : راضية، لأنها بمنزلة الطالب للرضا، كما أنّ الشهوة بمنزلة الطالب المشتهى.
[سورة الحاقة (٦٩) : الآيات ٤٤ الى ٤٥]
وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ (٤٤) لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (٤٥)
وقوله سبحانه : وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنا بَعْضَ الْأَقاوِيلِ، لَأَخَذْنا مِنْهُ بِالْيَمِينِ [٤٤، ٤٥] وهذه استعارة على أحد التأويلات، وهو أن يكون المراد باليمين هاهنا القوة والقدرة.
فيكون المعنى : أنه لو فعل ما نكره فعله لا نتقمنا منه عن قدرة، وعاقبناه عن قوة.
وقد يجوز أن تكون اليمين هاهنا راجعة على النبي صلّى اللّه عليه وسلم، فيكون المعنى : لو فعل ذلك لسلبناه قدرته، وانتزعنا منه قوّته. ويكون ذلك كقوله سبحانه : تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ «٢» أي تنبت الدّهن على بعض التأويلات.
وكقول الشاعر «٣» :
نضرب بالسيف ونرجو بالفرج أي نرجو الفرج.
(٢) سورة المؤمنون. الآية رقم ٢٠.
(٣) هو النابغة الجعدي كما فى «معجم ياقوت» و«تاج العروس» وقد نقل ذلك عنهما محقق «معجم ما استعجم» للبكرى ص ١٠٢٩. والبيت كاملا هو :
نحن بنو جعدة أرباب الفلج نضرب بالبيض ونرجو بالفرج والفلج بفتحتين : اسم مكان لبنى جعدة من قيس ببلاد نجد.
وفى «القرطين» لابن مطرف : نضرب بالسيف، مثل رواية مخطوطتنا هذه. ج ٢ ص ٣٠.