متن، ص : ٣٤٨
وقال الآخر «١» :
لا ترتجى حين تلاقى الذائدا أخمسة لاقت معا أو واحدا
أي لا تخاف. وقال بعض العلماء : إنما كنوا عن الخوف بالرجاء فى هذه المواضع، لأن الراجي ليس يستيقن، فمعه طرف من المخافة. وقال بعضهم : الوقار هاهنا بمعنى العظمة وسعة المقدرة. وأصل الوقار ثبوت ما به يكون الشيء عظيما من الحلم والعلم اللذين يؤمن معهما الخرق والجهل.
ومن ذلك قول القائل : قد وقر قول فلان فى قلبى. أي ثبت واستقرّ، أو خدش وأثر.
[سورة نوح (٧١) : آية ١٧]
وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (١٧)
وقوله سبحانه : وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً [١٧] وهذه استعارة. لأن حقيقة الإنبات إنما تجرى على ما تطلعه الأرض من نباتها، وتخرجه عند ازدراعها. ولما كان سبحانه يخرج البريّة من مضايق الأحشاء، إلى مفاسح الهواء، ويدرجهم من الصغر إلى الكبر، وينقلهم من الهيئات والصور، كل ذلك على وجه الأرض، جاز أن يقول سبحانه :
وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ.
وقال بعضهم قد يجوز أن يكون المراد بذلك خلق آدم عليه السلام من الطين، وهو أصل الخليقة. فإذا خلقه سبحانه من طين الأرض كان نسله مخلوقين منها، لرجوعهم إلى الأصل المخلوق من طينها. فحسن أن يقول سبحانه : وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ أي استخرجكم من طين الأرض. ونباتا هاهنا مصدر وقع مخالفا لما يوجبه بناء فعله. وكان الوجه أن يكون : إنباتا. لأنه فى الظاهر مصدر أنبتكم. وقد قيل إن هناك فعلا محذوفا
لا ترتجى حين تلاقى الذائدا أسبعة لاقت معا أم واحدا