متن، ص : ٣٥٧
على عظيم عقابه، وأليم عذابه - بالرجل العبوس الذي يستدلّ بعبوسه وقطوبه على إرصاده بالمكروه، وعزمه على إيقاع الأمر المخوف. وأصل العبوس تقبيض الوجه، وهو دليل السخط، وضده الاستبشار والتطلّق وهما دليلا الرضا والخير.
وكما سمّت العرب اليوم المحمود طلقا، فكذلك سمّت اليوم المذموم عبوسا. ويقال :
يوم قمطرير وقماطر «١» إذا كان شديدا ضرّه، طويلا شرّه.
[سورة الإنسان (٧٦) : آية ١٤]
وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً (١٤)
وقوله سبحانه : وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها، وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا [١٤] وهذه استعارة. والمراد بتذليل القطوف - وهى عناقيد الأعناب وواحدها قطف «٢» - أنها جعلت قريبة من أيديهم، غير ممتنعة على مجانيهم، لا يحتاجون إلى معاناة فى اجتنائها، ولا مشقة فى اهتصار أفنانها، فهى كالظّهر الذلول الذي يوافق صاحبه، ويواتى راكبه.
والتذليل هاهنا مأخوذ من الذّلّ بكسر الذال، وهو ضد الصعوبة. والذّل - بضم الذال - ضدّ العز والحميّة.
[سورة الإنسان (٧٦) : آية ٢٧]
إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (٢٧)
وقوله سبحانه : إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ، وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلًا [٢٧] وهذه استعارة. وقد مضى الكلام على نظيرها فيما تقدم. والمراد باليوم الثقيل هاهنا :
استثقاله من طريق الشدة والمشقة، لا من طريق الاعتماد بالأجزاء الثقيلة. وقد يوصف الكلام بالثقيل على هذا الوجه، وهو عرض من الأعراض، فيقول القائل : قد ثقل علىّ خطاب فلان. وما أثقل كلام فلان.

(١) قماطر : بضم القاف.
(٢) القطف بكسر القاف : العنقود ساعة يقطف، أو اسم للثمار المقطوفة. والجمع قطوف، وقطاف.


الصفحة التالية
Icon