متن، ص : ٦٦
مستحقيها وأولى الناس بها وهم العلويون. ولكن بعض خواص معز الدولة أشار عليه أن لا يفعل ذلك، وقال له :(إنك اليوم مع خليفة تعتقد أنت وأصحابك أنه ليس من أهل الخلافة، ولو أمرتهم بقتله لقتلوه مستحلين دمه، ومتى أجلست بعض العلويين خليفة كان معك من تعتقد أنت وأصحابك صحة خلافته، فلو أمرهم بقتلك لفعلوا) فأعرض ابن بويه عما كان عزم عليه، وأبقى للعباسيين اسم الخلافة، وانفرد هو بالسلطان.
وما الظن بخليفة كالمستكفى، لا يجلس فى كرسى الخلافة منذ استيلاء معز الدولة ابن بويه إلا أربعين يوما، ثم يخلع لأن معز الدولة اتهمه بالتدبير عليه! وهو أضعف من أن يدبر. وقد كان خلعه مأساة مضحكة مبكية، فقد دخل عليه اثنان من نقباء الديلم يصيحان وتناولا يده، فظن أنهما يريدان تقبيلها، فمدها إليهما، فجذباه عن سريره، وجعلا عمامته فى حلقه، ونهض معز الدولة، واضطراب الناس، ونهبت الأموال، وساق الرجلان الخليفة المستكفى ماشيا إلى دار معز الدولة بن بويه فاعتقل بها، ونهبت دار الخلافة حتى لم يبق فيها شىء.
ولقد كان الشريف الرضى فى مستكن الغيب حين وقعت هذه المأساة، ولكن ما من شك فى أنها رويت له وهو طفل بعد مولده سنة ٣٥٩ ه، وما من شك فى أنه حين سمعها تعجب غاية العجب من مآسى الخلفاء.
ولقد ولد الشريف فى الخمس الأخيرة من خلافة المطيع العباسي، ثم كان فى الخامسة من عمره حين تولى الطائع الخلافة العباسية سنة ٣٦٣ ه، ثم كان فى الثانية والعشرين من عمره حين تولى القادر الخلافة سنة ٣٨١ ه، وتوفى فى السنة الخامسة والعشرين من عهد هذا الخليفة.


الصفحة التالية
Icon