كما تطمع في اقتناص الطائر أو مجاراته ولقد تقرأ الكلمة من الحكمة فيشتبه عليك أمرها أمن كلمات النبوة هي أم كلمات الصحابة أو التابعين ذلك على ما علمت من امتياز الأسلوب النبوي بمزيد الفصاحة ونقاء الديباجة وإحكام السرد ولكنه امتياز قد يدق على غير المنتهين في هذا الفن وقد يقصر الذوق وحده عن إدراكه فيلجأ إلى النقل يستعينه في تمييز بعض الحديث المرفوع من الحديث الموقوف أو المقطوع أما الأسلوب القرآني فإنه يحمل طابعا لا يلتبس معه بغيره ولا يجعل طامعا يطمع أن يحوم حول حماه بل يدع الأعناق تشرئب إليه ثم يردها ناكسة الأذقان على الصدور كل من يرى بعينين أو يسمع بأذنين إذا وضع القرآن بإزاء غير القرآن في كفتي ميزان ثم نظر بإحدى عينيه أو استمع بإحدى أذنيه إلى أسلوب القرآن وبالأخرى إلى أسلوب الحديث النبوي وأساليب سائر الناس وكان قد رزق حظا ما من الحاسة البيانية والذوق اللغوي فإنه لا محالة سيؤمن معنا بهذه الحقيقة الجلية وهي أن أسلوب القرآن لا يدانيه شيء من هذه الأساليب كلها ونحسب أنه بعد الإيمان بهذه الحقيقة لن يسعه إلا الإيمان بتاليتها استدلالا بصنعة ليس كمثلها شيء على صانع ليس كمثله شيء وهو السميع البصير فإن كان السائل من طلاب الحق كما وصفنا وانتهى من بحثه إلى حيث أشرنا فأبصر وسمع وقايس ووزان وذاق ووجد فسوف يتقدم إلينا بكلمته الأخيرة قائلا نعم لقد نثلت كنانة الكلام بين يدي وعجمت سهامها فما وجدت كالقرآن أصلب عودا ولقد وردت مناهل القول وتذوقت طعومها فما وجدت كالقرآن أعذب موردا والآن آمنت