من نجم جعل في مكان ما من السورة آخرا أو أولا ثم وجد عنه أبد الدهر مصرفا ولا متحولا وهنا تقف موقف الحيرة في أمرك وتكاد تنكر ما تحت سمعك وبصرك ثم ترجع إلى نفسك تسائلها عن وجه الجمع بين ما رأيت وما ترى أليس هذا التنزيل قد معته الآن جديدا وليد يومه ووحيدا رهين سببه فمالي أراه ليس جديدا ولا وحيدا لكأني به وبالقرآن كله كان ظاهرا على قلب هذا الرجل قبل ظهوره على لسانه وكان على هذه الصورة مؤلفا في صدره قبل أن يؤلفه ببيانه وإلا فما باله يؤلف هذا التأليف بين آحاد لا تتداعى إلى الاجتماع بطبائعها لماذا لم يذرها كما جاءت فرادى منثورة وهلا إذ أراد الاجتماع بطبائعها لماذا لم يذرها كما جاءت فرادى منثورة وهلا إذ أراد جمعها أدخلها كلها في مجموعة واحدة أو هلا قسمها إلى مجاميع متساوية أو متجانسة ترى على أي قاعدة بني توزيعها وتحديد أوضاعها هكذا قبل تمامها أو تمام طائفة منها هل عسى أن تكون هذه الأوضاع كلها جارية على محض المصادفة والاتفاق كلا فقد ظهر في كل وضع منها أنه مقصود إليه بعينه كما ظهر القصد في كل طائفة أن تنتظم منها وحدة محدودة ذات ترتيب ومقدار بعينه أم هل عسى أن تكون هذه الأوضاع وإن قصدت ليست وليدة تقدير سابق وإنما هي تجربة اختبارية أثمرتها فكرة وقتية كلا فإن واضعها حين وضعها قد ضربها ضربة لازب ثم لم يكر عليها بتبديل ولا تحويل فعلام إذا بني ذلك القصد وهذا التصميم ولن يكون الجواب الذي تسمعه من نفسك لو أصاخت إلى بديهة العقل إلا أن نقول إنه لا يجرؤ في قراره الغيب على وضع هذه الخطة المفصلة المصممة إلا أحد اثنين جاهل جاهل في حضيض الجهل أو عالم عالم فوق أطوار العقل لا ثالث فأما إن كان فرغ من نظام تأليفها وصورة تركيبها من قبل أن يستحكم له العلم بأسباب ذلك ومقاصده وأدباره وعواقبه