الخواطر وتلقاه الآخر عن الأول. فالحديث النبوي إذا خارج بقسيمه القيد الأول في هذا التعريف.
وكذلك الحديث القدسي إن قلنا انه منزل بمعناه فقط.
وهذا هو اظهر القولين فيه عندنا، لأنه لو كان منزلا بلفظه لكان له من الحرمة والقدسية في نظر الشرع ما للنظم القرآني، إذ لا وجه للتفرقة بين لفظين منزلين من عند الله، فكان من لوازم ذلك وجوب المحافظة على نصوصه، وعدم جواز روايته بالمعنى إجماعا : وحرمة مس المحدث لصحيفته. ولا قائل بذلك كله. وأيضا فان القرآن لما كان مقصودا منه مع العمل بمضمونه شيء آخر وهو التحدي بأسلوبه والتعبد بتلاوته احتيج لإنزال لفظه، والحديث القدسي لم ينزل للتحدي ولا للتعبد بل لمجرد العمل بما فيه وهذه الفائدة تحصل بإنزال معناه. فالقول بإنزال لفظه قول بشيء لا داعي في النظر إليه، ولا دليل في الشرع عليه، اللهم الا ما قد يلوح من إسناد الحديث القدسي إلى الله بصيغة (( يقول الله تبارك وتعالى كذا )) لكن القرائن التي ذكرناها آنفا كافية في إفساح المجال لتأويله بان المقصود نسبة مضمونه لا نسبة ألفاظه.
وهذا تأويل شائع في العربية، فانك تقول حينما تنثر بيتا من الشعر (( يقول الله تعالى كذا )) وتقول حينما تفسر آية من كتاب الله بكلام من عندك :(( يقول الله تعالى كذا )) وعلى هذه القاعدة حكى الله تعالى عن موسى وفرعون وغيرهما مضمون كلامهم بألفاظ غير ألفاظهم وأسلوب غير أسلوبهم ونسب ذلك إليهم.
فإذا زعمت انه لو يكن في الحديث القدسي شيء آخر مقدس وراء المعنى لصح لنا إن نسمي بعض الحديث النبوي قدسيا أيضا، لوجود هذا المعنى فيه، فجوابه أننا لما قطعنا في الحديث القدسي بنزول معناه لورود النص الشرعي على نسبته إلى الله، بقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (( قال