وليس يبالي حين يقتل مسلما على أي جنب كان الله مصرعه هنا تمت المقدمة بعد أن وصفت القرآن بما هو أهله ووصفت متبعيه ومخالفيه كلا بما يستحقه ولا مرية أن وصف هذه الطوائف جميعها راجع في المآل إلى الثناء على القرآن فإن الشيء الذي يكون متبعوه هم أهل الهدى والفلاح ومخالفوه هم أهل الضلالة والخسر لا يكون إلا حقا واضحا لا ريب فيه فما هو ذلك الحق الذي لا يتبعه إلا مهتد مفلح ولا يعرض عنه إلا ضال خاسر بل ما هو ذلك الحق الذي ضربت له الأمثال بالضياء الباهر والغيث الكثير لا شك أن هذا كله تشويق أي تشويق لسماع الحقائق التي يدعو القرآن الناس إليها فانظر على أي نحو ساق بيانها لقد كان ظاهر السياق يقضي بأن يقال أن هذه الحقائق هي أن يعبدوا ربهم وحده ويؤمنوا بكتابه ونبيه الخ جريا على أسلوب الغيبة الذي جرى عليه في وصف الكتاب وفي وصف الناس ولكنه حول مجرى الحديث من الأخبار والغيبة إلى النداء والمخاطبة قائلا يأيها الناس اعبدوا ربكم أتعرف شيئا من سر هذا التحويل إن ذلك الوصف الدقيق الذي وصف القرآن به الطوائف الثلاث متقين وكافرين ومخادعين قد نقلهم عند السامع من حال إلى حال فبعد أن كانوا غيبا في مبدأ الحديث عنهم أصبحوا الآن بعد ذلك الوصف الشافي حاضرين في خيال السامع كأنهم رأي عين وفي مكان ينادون منه فاستحقوا أن يوجه الحديث إليهم كما يوجه إلى الحاضرين في الحس