وبعد فهل حديث الصلاة هنا يعتبر مقصدا أصليا مستقلا أم هو جزء من مقصد آخر لكي نحسن الجواب عن هذا السؤال يجمل بنا أن نرجع البصر كرة أخرى لننظر في جملة الخصال التي جمعت في آية البر والتي فصلت في الآيات من بعدها إلى قرب آخر السورة ولنقارن بين حظوظها من عناية الذكر الحكيم فماذا نرى نرى التنويه بفضيلتي الإنفاق والجهاد في سبيل الله لا يزال يعاد ويردد في مطالع الحديث ومقاطعه في إجماله وفي تفصيله ترديدا ينادي بأنه هو المقصود الأهم والهدف الأعظم من التشريع في هذه السورة فلو أننا في ضوء هذا الأسلوب تمثلنا تلك البيئة وأحداثها وتمثلنا القوم وهم تتلى عليهم شرائع هذه السورة وأحكامها لتمثلنا معسكرا ثابتا للجهاد المزدوج المالي والبدني ولتمثلنا على رأس هذا المعسكر قائدا يقظا حريصا لا يعزب عنه شأن من شؤون جنوده خاصها وعامها ولا يفتأ يلقي عليهم أوامره وإرشاداته في مختلف تلك الشؤون كلما فرغ من إفتائهم في نوازلهم العارضة الوقتية رجع بالحديث إلى مجراه العتيد في شأن مهتمهم الرئيسية ضع هذه اللوحة الجندية أمام عينيك فلن يكون عندك عجبا أن ترى الحديث في شأن الجهاد يبرز الآن على إثر تلك الشؤون ذلك أن بساطه كان أبدا منشورا وأن داعيته كانت دائما قائمة فإذا عاد ذكره بعد أن زال ما حوله من الشواغل الوقتية فإنما يجيء على أصله وسجيته فلا يسأل عن علته ماذا نقول شأن الجهاد أليس الحديث سيفتتح الآن بشأن الصلاة وعدة الوفاة لا بشأن الجهاد بل نقول ونحن نعني ما نقول إن الحديث يعود الآن إلى شأن