المستقرة، لا من الخواطر والاماني الجارية على النفس بغير اختيار. الحديث في مسلم وغيره وأشار إليه البخاري في التفسير مختصرا. وموضع الشاهد منه ان النبي لو كان يعلم تأويلها من أول الأمر لبين لهم خطأهم ولأزال اشتباههم من فوره، لأنه لم يكن ليكتم عنهم هذا العلم وهم في اشد الحاجة إليه، ولم يكن ليتركهم في هذا الهلع الذي كاد يخلع قلوبهم وهو بهم رءوف رحيم. ولكنة كان مثلهم ينتظر تأويلها. ولأمر ما أخر الله عنهم هذا البيان. ولأمر ما وضع حرف التراخي في قوله تعالى :( ثم ان علينا بيانه ) سورة القيامة.
واقرأ في صحيح البخاري وسنن ابي داود وغيرهما قضية الحديبية، ففيها آية بينه : أذن الله للمؤمنين ان يقتلوا من يعتدي عليهم اينما وجدوه، غير ألا يقاتلوا في الحرم من لم يقاتلهم فيه نفسه، فقال تعالى :( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ) الايات من سورة البقرة، فلما اجمعوا زيارة البيت الحرام في ذلك في ذلك العام وهو العام السادس من الهجرة اخذوا أسلحتهم حذرا ان يقاتلهم احد فيدافعوا عن أنفسهم الدفاع المشروع. ولما اشرفوا على حدود الحرم علموا أن قريشا قد جمعت جموعها على مقربة منهم فلم يثن ذلك من عزمهم، لأنهم كانوا على تمام الأهبة، بل زادهم ذلك استبسالا وصمموا على المضي الى البيت فمن صدهم عنه قاتلوه، وكانت قريش قد نهكتها الحروب فكانت البواعث كلها متضافرة والفرصة سانحة للالتحام في موقعة فاصلة يتمكن فيها الحق من الباطل فيدمغه، وإنهم لسائرون عند الحديبية إذ بركت راحلة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم واخذ أصحابه يثيرونها إلى جهة الحرم فلا تثور، فقالوا خلأت القصواء، خلأت القصواء، أي حرنت الناقة. فقال النبي صلى


الصفحة التالية
Icon