بالليل، فلما نزلت هذه الاية ترك الحرس وقال : يأيها الناس انصرفوا فقد عصمني الله.
و حقا لقد عصمه الله منهم في مواطن كثيرة كان خطر الموت فيها اقرب اليه من شراك نعله، و لم يكن له فيها عاصم الا الله وحده.
ومن ذلك ما رواه ابن حبان في صحيحة عن ابي هريرة، ورواه مسلم في صحيحه عن جابر قال : كنا إذا اتينا في سفرنا على شجرة ضليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فلما كنا بذات الرقاع نزل نبي الله تحت شجرة وعلَق سيفه فيها. فجا ء رجل من المشركين فا خذ السيف فاخترطه وقال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم : أتخافني ؟ قال : لا. قال : فمن يمنعك مني ؟ قال : الله يمنعني منك ضع السيف فوضعه. وحسبك ان تعلم ان هذا الأمن كان في الغزوة التي شرعت فيها صلاة الخوف.
ومن أعظم الوقائع تصديقا لهذا النبأ الحق ذلك الموقف المدهش الذي وقفه النبي في غزوة حنين، منفردا بين الأعداء، وقد انكشف المسلمون وولوا مدبرين، فطفق هو يركض بغلته الى جهة العدو، والعباس ابن عبد المطلب اخذ بلجامها يكفَها إرادة ألا تسرع، فاقبل المشركون الى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فلما غَشوه لم يفر ولم ينكص بل نزل عن بغلته كأنما يمكنهم من نفسه، وجعل يقول :( انا النبي لا كذب انا ابن عبد المطلب ) كأنما يتحداهم ويدلهم على مكانه. فوالله ما نالوا منه نيلاً، بل ايده اللهَ بجنده، وكف عنه ايديهم بيده. الحديث روا ه الشيخان عن البراء بن عازب. ورواه مسلم عن العباس وسلمة بن الاكوع، ورواه احمد واصحاب السنن عن غيرهم هم ايظاً.
وهكذا امتع الله به امته فلم يقبضه إليه حتى بلغَ الرسالة وأدى الأمانة، وحتى انزل عليه قوله ( اليوم اكملت لكم دينكم، واتممت عليكم نعمتي،