يا رسول الله، ان قتادة بن النعمان وعمه رفاعة عمدا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينة ولا ثبت. فجاء قتادة فقال له النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم : يا قتادة (( عمدت إلى أهل البيت ذكر منهم إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة على غير ثبت وبينة )) فرجع قتادة الى عمه فاخبره، فقال عمه : الله المستعان. ثم لم تلبث أن نزلت الآية تبين للنبي خيانة بني أبيرق، و تأمره بالاستغفار مما قال لقتادة. الحديث رواه الترمذي، وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم.
بل اسمع قوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم عن نفسه فيما يرويه أحمد و ابن ماجه :(( إنما أنا بشر. وإنكم تختصمون إلي. فلعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأحسب أنه صادق فأقضى له على نحو ما اسمع. فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من نار. فليأخذها أو ليتركها )) رواه مالك و الشيخان و أصحاب السنن.
فمن كان هكذا عاجزا بنفسه عن إدراك حقيقة ما وقع بين خصمين في زمنه وفي بلده وقد رأى أشخاصهما وسمع أقوالهما هو بلا شك اشد عجزا عن إدراك ما فات وما هو ات.
تلك هى شقة الغيب تنطفى عندها مصابيح الفراسة والذكاء، فلا يدنو العقل منها الا وهو حاطب ليل وخابط عشواء : ان أصاب الحق مرة اخطاء مرات، وان اصابه مرات اخطاء عشرات. على ان الذي يصادفه من الصواب لا يمكن الوثوق ببقائه معصوما من التغيير والتبديل بل عسى ان تذهب به ريح المصادفة كما جاءت به ريح المصادفة ( ولو كان مند غير الله لوجدوا اختلافا كثيرا ) سورة النساء.