ساغ مثله في عصور الجاهلية الأولى ما كان ليسوغ اليوم وقد ملئت الأرض بالآيات العلمية التي تفسر لعقولنا تلك الحقائق الغيبية وإن من أقرب هذه الآيات إلى متناول الجمهور آية الهاتف التليفون فقد أصبح الرجلان يكون أحدهما في أقصى المشرق والآخر في أقصى المغرب ثم يتخاطبان ويتراءيان من حيث لا يرى الجالسون في مجلس التخاطب شيئا ولا يسمعون إلا أزيزا كدوي النحل الذي في صفة الوحي فإن كانوا يريدون آية علمية أوضح من هذه تمثل لهم الوحي تمثيلا وتريهم من طريق التجارب التي لا يؤمنون إلا بها أن اتصال النفس الإنسانية بقوة أعلى منها قد يحدث فيها ظاهرة من جنس هذه الظاهرة وينقش فيها معلومات لم تكن مخزونة في العقل ولا في الحس قبل ذلك فها قد أراهم الله تلك الآية العجيبة في أعجوبة التنويم المغناطيسي فقد أصبح الرجل القوي الإرادة يستطيع أن يتسلط بقوة إرادته على من هو أضعف منه حتى يجعله ينام بأمره نوما عميقا لا يشعر فيه بوخز الإبر وهنالك يكون رهين إشارته وتنمحي إرادته في إرادته فلو شاء أن يمحو من نفسه رأيا أو عقيدة لمحاها بكلمة واحدة بل لو شاء أن يمحو من صدره اسم نفسه ويلقنه اسما آخر يقنعه بأنه هو اسمه لما وجد منه إلا إيمانا وتسليما ولأصبح اسمه الحقيقي نسيا منسيا ولبقي هذا الاسم المصنوع منقوشا على قلبه ولسانه بعد أن يستيقظ إلى ما شاء الله فإذا كان فعل هذا الإنسان بالإنسان فما ظنك بمن هو أشد منه قوة


الصفحة التالية
Icon