فإن هذا القرآن الكريم هو دستورنا الأعظم، وشرعة الإنسانية السمحاء، فما زال هذا القرآن بحراُ زاخراُ بأنواع العلوم والمعارف،( يحتاج من يرغب في الحصول على لآلئه الغوص في أعماقه) ولا يكون ذلك إلا من خلال علم التفسير، الذي هو أشرف العلوم وأجلها وأعظمها أجراَ وأنبلها مقصداً، وأرفعها ذكراً.
فلذلك حثّ الله – تعالى – عباده المؤمنين على تدبر كتابه وفهم معانيه، والغوص في أعماقه للكشف عن لآلئه.
قال تعال: ﴿ أفلا يتدبّرون القرآن أم على قلوبِ أقفالها﴾ ( محمد: ٢٤)، وكذلك حث الله – تعالى – عباده المؤمنين على أن ينفروا ليتعلموا كتابه، ويتفهوا دينه، ومن ثم يرشدون أقوامهم ويعلمونهم.
قال تعالى: ﴿ وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون﴾ ( التوبة: ١٢٢).
وقد بين رسول الله - ﷺ - أن خير الناس من علم الكتاب وعلمه، فعن عثمان بين عفان رضي الله عنه قال: قال: رسول الله - ﷺ - :( خيركم من تعلم القرآن وعلمه)(١)١).
ومما لاشك فيه أن علوم القرآن والتفسير، هي خير العلوم على وجه الإطلاق لأنها متعلقة بخير الكلام، كلام رب العالمين.
وهذا العلم له أهمية عظيمة في حياة الأمم وشعوبها، فيوم أن فهمت الأمة كتاب الله واتخذته دستوراً لها، كانت لها السيادة والريادة، ويوم أن نبذت كتاب الله جانباً، ورضيت بالمناهج الوضعية دستوراَ ومشرعاَ، كان لها الهزيمة والضياع والخسران.

(١) أخرجه البخاري في صحيحه: ( فضائل القرآن ) ب: ٢١ ( خيركم من تعلم القرآن وعلمه) ١٢٦٠/٣، ح ( ٥٠٢٧ ).


الصفحة التالية
Icon