وبما أن التفسير الموضوعي ظهر حديثاً؛ لذا لم يتكلم المفسرون السابقون عن قواعده وخطواته وألوانه، ولكن العلماء والباحثين المعاصرين أقبلوا عليه يدرسونه ويقصدونه ويتحدثون عن قواعده وأسسه وكيفيته.
فظهرت مؤلفات كثيرة في هذا المجال ومنها كتاب " الأشباه والنظائر" لمؤلفه مقاتل بن سليمان البلخي المتوفى سنة ١٥٠هـ وذكر فيه الكلمات التي اتحدت في اللفظ واختلفت دلالاتها حسب السياق في الآية الكريمة.
وإلى جانب هذا اللون ظهرت دراسات تفسيرية لم تقتصر على الجوانب اللغوية بل جمعت بين الآيات التي تربطها رابطة واحدة أو تدخل تحت عنوان معين، كالناسخ والمنسوخ لأبي عبيد القاسم بن سلام التوفي سنة ٢٢٤هـ ولازال هذا الخط مستمر إلى يومنا هذا(١).
وقد توجهت أنظار الباحثين إلى هدايات القرآن الكريم حول معطيات الحضارات المعاصرة وظهور المذاهب والاتجاهات الاقتصادية والاجتماعية، والعلوم الكونية والطبيعية.
ومثل هذه الموضوعات لا تكاد تتناهى فكلما جد جديد في العلوم المعاصرة، التفت علماء المسلمين إلى القرآن الكريم ليسترشدوا بهداياته وينظروا في توجيهات الآيات الكريمة في مثل هذه المجالات(٢).
ثالثاً : أقسام التفسير الموضوعي
؟ أقسام التفسير الموضوعي:
ويمكن حصر أقسام هذا التفسير في ثلاثة أقسام:
القسم الأول: التفسير الموضوعي للمصطلح القرآني: بحيث يختار الباحث لفظة أو مصطلحاً، تتكرر في القرآن كثيراً، فيتتبعها من خلال القرآن، ويأتي بمشتقاتها ويستخرج منها الدلالات واللطائف.
القسم الثاني: التفسير الموضوعي لموضوع قرآني: بحيث يختار الباحث موضوعاً من القرآن، له أبعاده الواقعية في الحياة أو العلم أو السلوك..... ، مما يفيد المسلمين منه ويشكّل منه موضوعا معينا، يخرج بخلاصة تساعد على حل مشاكل المسلمين ومعالجة أمورهم.

(١) مصطفى مسلم، مباحث في التفسير الموضوعي، دار القلم، دمشق، ص٢٠.
(٢) المرجع السابق، ص٢٢.


الصفحة التالية
Icon