كذلك من الشروط أن يكون عالما بلغة العرب؛ يعني عنده معرفة بلغة العرب في مفرداتها وفي نحوها وفي علم المعاني بخصوصه من علم البلاغة ونحو ذلك من علوم اللسان العربي الشريف. وهذه لابد منها للمفسر؛ لأن من فسر القرآن بالاستنباط وبالاجتهاد وهو جاهل باللغة فإن تفسيره من قبل الرأي المذموم الذي ورد فيه النهي.
كذلك يحتاج المفسر أن يكون عالما بأصول الفقه؛ لأن أصول الفقه هي أصول الاستنباط، وأصول الاستنباط يحتاجها المفسر كثيرا، فكثير من مواضع الاجتهاد والاستنباط إنما تكون عن طريق أصول الفقه، أرأيت مثلا مجيء الخاص بعد العام، أو مجيء المبيَّن بعد المجمل، أو مجيء المقيد بعد المطلق، أو مجيء النص أو مجيء الظاهر أو الحقيقة أو نحو ذلك التي كلها من مباحث أصول الفقه، فمن لم يكن ضابطا لأصول الفقه فإنه لا يحسن له بل يذم إذا تعاطى التفسير بالاجتهاد فيه.
في علوم أخر ذكرها أهل العلم ثم ختامها وواسطة عقدها أن يكون عالما بكلام أهل السنة في توحيد الله جل وعلا، عالما بالاعتقاد الحق الذي دلت عليه النصوص من الكتاب والسنة وأجمع عليه سلف الأمة؛ لأن هذا الاعتقاد الذي هو حق لا مرية فيه لابد أن يفسر القرآن على وفقه، فمن كان جاهلا بذلك جهلا بسيطا فإنه إذا فسر القرآن في آيات الاعتقاد والقرآن كما هو معلوم توحيد كله فإنه يَضل وربما يُضل، ومن كان عنده الجهل المركب في هذا الباب وفي هذا العلم الذي هو العلم بالتوحيد علم الاعتقاد بأن كان يعتقد خلاف الحق من أصحاب الأقوال الزائغة والأقوال المبتدعة فإن هذا يَحرم عليه أن يفسر القرآن على وفق آرائه المبتدعة الضالة التي ما كانت على وفق نصوص الكتاب والسنة، وإنما كانت على وفق تقديم العقل على النقل كما هي أصول أهل البدع بأجمعهم.
هذه العلوم لابد منها لمن يستنبط معاني القرآن.
الرأي الثاني الرأي المذموم وهو قسمان:


الصفحة التالية
Icon