ولهذا الذي ليس عنده علم بالتفسير لا يحسن به أن يقرأ مثل هذا الكتاب والذي ليس متحصنا في عقيدة لا يحسن به أن يقرأ مثل هذا الكتاب، إلا إن اختار له أحد من أهل العلم فيه موضعا معينا أحسن فيه وأجاد، هذا ربما كان سائغا؛ ولكن في كتب أئمة السلف وفي التفاسير النافعة ما يغني عنه، وفي كلام علمائنا وأهل الحق الذين بيّنوا ما يجب بيانه من معاني كلام الله جل وعلا أو من مسائل الدعوة أو نحو ذلك فيه كفاية عن مثل هذا التفسير.
فالمقصود من هذا أن الواجب أن يعتني طالب العلم بالتفسير بتفاسير السلف؛ لأنه يريد أن يعلم علما نافعا واضحا لا إشكال فيه لمعاني كلام الله جل وعلا، فكيف يعرّض نفسه للهلكة بإقباله على كتب مختلفة، ربما لم يحسن استخراج ما خالف فيها أصحابها منهج السلف الصالح رضوان الله عليهم.
لهذا في هذه البلاد كان العلماء من قديم يمنعون التفاسير الضالة مثل تفسير الفخر الرازي مثلا أو مثل تفاسير الأشاعرة ونحوها تمنع من نحو عشرين ثلاثين سنة بعد ثلاثين يعني من عشرين سنة فأكثر أو نقول خمس وعشرون سنة فأكثر كانت تمنع تفاسير مثل تفسير الفخر الرازي لا يباع أصلا، وقد ذكر لي بعض علمائنا أنه لما كان يدرس التفسير على -يعني في الكليات- وكان يدرسهم الشيخ عبد الرزاق عفيفي حفظه الله ذكروا له أنه: لِمَ لا نرجع إلى تفسير الفخر الرازي ولتفسير فلان ولتفسير فلان؟ فقال لهم كلمة من بصير حاذق ناقد قال: علماؤكم أرادوا لكم السلامة في دينكم، وتلكم الكتب فيها شوك وأنتم لا تحسنون الابتعاد عن الشوك، ولا استخراج الشوك. هذه كلمة معبرة نفيسة منه رحمه الله، مثل تفاسير الأشاعرة الكبيرة ما كانت تباع عندنا من قديم.