لهذا شيخ الإسلام عذر بعض العلماء مثل البيهقي مثل الخطابي قال: إنهم اجتهدوا في مسائل الصفات؛ لكن ما عذر غيرهم فهناك من يعذر في هذه المسائل ومن لا يعذر، وليس معنى أنه يعذر أنه لا يؤاخذ على بدعته، فهو مبتدع من الجهة الأولى، ثم التأثيم في المسألة الثانية مرفوع عنه؛ يعني بَدَل يتراكب عليه الإثم من الجهتين هو يأثم من جهة واحدة وقد يكون يأثم من جهة الابتداع ومن الجهات الأخرى، فأما اسم المبتدع فيطلق عليه اسم المبتدع فالذين حرفوا القرآن عن ظاهره وفسروا مثلا آيات الرحمة بأنها الأنعام أو فسروا قوله تعالى ﴿مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ [ص: ٧٥]، ﴿لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ﴾ أي يدي الرحمن جل وعلا هما قدرتاه ونحو ذلك تفسير مبتدع وصاحبه مبتدع في نفسه، ويؤزر على ابتداعه هذا؛ لكن الجهة الثانية وهي خطؤه في تفسير الآية هل يعذر عليه أم لا؟ هذه مسألة أخرى هذه ننبه إليها في كلام شيخ الإسلام.
وهذا التفصيل لا يذكر أئمة السلف، أئمة السلف ليس عندهم هذا التدقيق عندهم أنه أخطأ في البداية ابتدع في البداية فما ترتب على الأمر المبتدع له حكمه، هذا كلام أئمة السلف فإذا كان مبتدعا في الاجتهاد في الصفات فهو مبتدع في أوله، وما ترتب على ابتداعه فهو مأزور عليه.
شيخ الإسلام يختلف عن هذا في مواضع كثيرة يفصل بين المقامين، مثل هذا الموضع يفصل بين المنشأ وبين النتيجة، فيقول هو مبتدع الحكم عند الجميع واحد أنه مبتدع فيؤزر على بدعته الأولى، وأما اجتهاده في بعض الموارد إذا كانت قامت عنده شبهة فقد يعذر يعني عند الله حل وعلا وقد لا يعذر. واضح الكلام؟ لأن المسألة مشتبهة ودقيقة فشيخ الإسلام له طريقة في ذلك حتى نفهم كلامه وحتى لا يستدل عليك أحد بكلام شيخ الإسلام ويناقض به قول السلف، لا، شيخ الإسلام يعمل بهاتين منفكتين، والسلف جعلوا النتيجة مترتبة على الأصل.


الصفحة التالية
Icon