نضرب مثالا على الأخير لقربه ثم نرجع لأمثلة الأولى مثلا في قوله جل وعلا في سورة طه ﴿وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا﴾ [طه: ٤٦]، في قصة موسى عليه السلام ﴿وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا﴾ ما هي هذه الفتون؟ فسرها ابن عباس رَضِيَ اللهُ عنْهُما في الحديث الطويل المشهور بحديث الفتون، وذكر معنى الفتون، كل ما جاء في قصة موسى من مواضع مختلفة، فصار تفسير الفتون هو ما حصل له من الافتتان بكل في كل آية في كل موضع من مواضع في القرآن، فجمعها فسُمِّي هذا الحديث الطويل في تفسير الفتون ﴿وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا﴾.
مثاله أيضا تفسير شيخ الإسلام في قوله جل وعلا ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ وَلَوْ شَاءَ لَجَعَلَهُ سَاكِنًا﴾ [الفرقان: ٤٥]. أن هذه الآية نفهم من مجموع الآيات في القرآن أم المراد بها ذكر دلائل قدرة الله جل وعلا وعظمته وبديع صنعه، وليس المقصود بالرؤية الرؤية إلى ذات الله جل وعلا، فالظاهر ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ﴾ هذا نفهم هنا أن الرؤية ليس المراد بها ظاهر التفسير، فكيف تفسر الرؤية هنا؟ الرؤية إلى صفات الله جل وعلا الظاهرة وقدرة الله جل وعلا خلقه ونحو ذلك.
تفسير الآية تارة يكون بجزء منها ويصلح مثالا لذلك في قوله في تفسير ابن عباس رَضِيَ اللهُ عنْهُما لقوله تعالى ﴿وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ قُل رَّبِّي أَعْلَمُ بِعِدَّتِهِم مَّا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا قَلِيلٌ﴾ قال: أنا من القليل الذي يعلم، كانوا سبعة وثامنهم كلب. أخذ ذلك من السياق المذكور في الآية لأنه قال قبلها ﴿سَيَقُولُونَ ثَلَاثَةٌ رَّابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سَادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْمًا بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ﴾ [الكهف: ٢٢] هنا ما جعله من الرجم، فهنا فسر هذه الآية بأنها هذا تفسيرها بدلالة السياق.