وَالْمَقْصُودُ أَنَّ التَّابِعِينَ تَلَقَّوْا التَّفْسِيرَ عَنْ الصَّحَابَةِ كَمَا تَلَقَّوْا عَنْهُمْ عِلْمَ السُّنَّةِ وَإِنْ كَانُوا قَدْ يَتَكَلَّمُونَ فِي بَعْضِ ذَلِكَ بِالِاسْتِنْبَاطِ وَالِاسْتِدْلَالِ كَمَا يَتَكَلَّمُونَ فِي بَعْضِ السُّنَنِ بِالِاسْتِنْبَاطِ وَالِاسْتِدْلَالِ. ا. هـ
[الشرح]
الحمد لله، هذه الكلمات اشتملت على مسائل:
الأولى: أن الله جل جلاله أمر عباده أن يتدبروا القرآن فقال ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ﴾ وقال ﴿أَفَلَمْ يَدَّبَّرُوا الْقَوْلَ﴾، وهذا فيه حث وأمر لتدبر القرآن، وقال ﴿لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ﴾، ومعلوم أنّ التدبر لا يمكن أن يحصل إلا بفهم المعاني، وفهم معاني القرآن هو التفسير، فتنتج من هذه المقدمات أنّ التفسير مأمور به.
ولهذا تكون عناية أهل العلم بالتفسير بأنه مأمور به في قوله تعالى ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [محمد: ٢٤]، فالذي يعرض عن التفسير معناه يعرض عن التدبر؛ لأنه لا يمكن أن يتدبر إلا بعقل المعاني، وعقل المعاني لا يمكن أن يكون إلا بمعرفة أقوال المفسرين في ذلك.


الصفحة التالية
Icon