نعم إن العلم بالسبب يورد العلم بمعنى الآية لأنها هي التي تسبب عنها أو التي أنزلت لهذا السبب تارة يقول الآية يقولون نزلت في كذا أو نزلت في كذا، ولا يعنون أنه سبب النزول؛ ولكن يعنون أنه يصلح للآية.
مثلا في سورة المطففين هل هي مكية أو مدنية؟ قالوا: نزلت في مكة، ثم قال بعضهم: نزلت في المدينة. وفي سورة الفاتحة قالوا: نزلت في المدينة. مثل المعوذتين قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس قالوا: نزلت في كذا لما سُحر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ونزلت بعد ذلك، ونحو ذلك من هذه الأنواع.
هذا عند الصحابة وعند السلف يعنون به أنها تصلح لهذا المعنى، نزلت في كذا؛ يعني تلاها النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ عليهم سورة المطففين لما ذهب إلى المدينة تكون نزلت بكذا لأنهم خوطبوا بها.
فإذن قولهم: نزلت في كذا -هذا كالخلاصة- نزلت في كذا يعني:
أولا تخصيص المعنى بالسبب، هذا واحد؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
الثاني أنه قد تذكر أكثر من حادثة نزلت في كذا أو في كذا، وهذه كلها أفراد للعام؛ لا يعني تخصيصها أو إلغاء معنى الآية لأجل الاختلاف في السبب؛ سبب النزول.
الفائدة الثالثة: أنهم قد يقولون أنها نزلت في كذا. ولا يعنون سبب نزولها أو مرة ولكن يعنون أن الآية صالحة لتناول هذا الذي حصل حيث تلا النبي عَلَيْهِ الصَّلاَةُ والسَّلاَمُ تلك الآيات.