الحمد لله، هذا تتمة ما سبق الكلام عليه من أسباب اختلاف التنوع الذي يقع في تفاسير السلف رضوان الله عليهم ورحمة الله عليهم، من أسبابه أنّ الكلمة تكون لها معنى أصلي، ويكون لها معنى ضُمِّن فيها يكون التفسير برعاية المعنى المضمن.
مثل ما ذكر في (الريب) فإن (الريب) فُسِّر بأنّه الشك؛ لكن هذا كما قلنا إن الترادف لا يوجد في القرآن؛ بل لا يوجد في اللغة على التحقيق، بمعنى أن الكلمة معناها كلمة أخرى مطابقة دون زيادة كلمة مكان كلمة، نقول: هذا غير موجود.
ولهذا يكون ثم تقريب وإفهام للمعنى بأحسن عبارة تدل عليه.
ففي قوله ﴿ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ﴾ [البقرة: ٢]، فُسِّر بأنَّ الريب الشك، فسر بأنه الشك اكنهذا كما قلنا إن الترادف لا يوجد في القرآن لا ريب فيه لاشك فيه، وفسر قوله تعالى ﴿وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ﴾ [البقرة: ٢٢]، يعني إن كنتم في شك، ﴿وَلَا يَرْتَابَ﴾ [المدثر: ٣١]، قال ولا يشك، ونحو ذلك. هذا تقريب لكلمة الريب، فإن الريب هنا شك معه اضطراب وعدم هدوء، اضطراب شديد وعدم هدوء، وهذا زيادة عن معنى الشك.
فيقول هنا: إذا فسّرها بعض السلف بكلمة واحدة، وفسرها آخرون بزيادة عن تلك الكلمة أو بكلمة أخرى، فإنه قد يكون من أسباب ذلك أنه رُعي المعنى المقارب كما فُسِّر الريب بالشك أو رُعي المعنى الذي يكون أكثر قُرْبًا مثل الريب الذي هو الشك الذي فيه تردد واضطراب، أو يكون برعاية ما ضمن بالكلمة من معنى. مثل قولهم ﴿أَنْ تُبْسَلَ﴾، يعني أن تحبس، أو ﴿أَن تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ﴾ [الأنعام: ٧٠] ؛ يعني أن ترتهن النفس بما كسبت، لاشك أن هذا وهذا من باب اختلاف التنوع، وليس من باب اختلاف التضاد.
إذا تقرر هذا فإن اختلاف التنوع الذي ذكره شيخ الإسلام فيما سبق وأطال فيه، هذا له فوائد منها وقد ذكرها:


الصفحة التالية
Icon