قَاضِي مِصْرَ؛ فَإِنَّهُ كَانَ مِنْ أَكْثَرِ النَّاسِ حَدِيثًا وَمِنْ خِيَارِ النَّاسِ؛ لَكِنْ بِسَبَبِ احْتِرَاقِ كُتُبِهِ وَقَعَ فِي حَدِيثِهِ الْمُتَأَخِّرِ غَلَطٌ فَصَارَ يَعْتَبِرُ بِذَلِكَ وَيَسْتَشْهِدُ بِهِ وَكَثِيرًا مَا يَقْتَرِنُ هُوَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَاللَّيْثُ حُجَّةٌ ثَبَتٌ إمَامٌ.
وَكَمَا أَنَّهُمْ يَسْتَشْهِدُونَ وَيَعْتَبِرُونَ بِحَدِيثِ الَّذِي فِيهِ سُوءُ حِفْظٍ، فَإِنَّهُمْ أَيْضًا يُضَعِّفُون مِنْ حَدِيثِ الثِّقَةِ الصَّدُوقِ الضَّابِطِ أَشْيَاءَ تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ غَلِطَ فِيهَا بِأُمُورِ يَسْتَدِلُّونَ بِهَا وَيُسَمُّونَ هَذَا عِلْمَ عِلَلِ الْحَدِيثِ؛ وَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ عُلُومِهِمْ بِحَيْثُ يَكُونُ الْحَدِيثُ قَدْ رَوَاهُ ثِقَةٌ ضَابِطٌ وَغَلِطَ فِيهِ وَغَلَطُهُ فِيهِ عُرِفَ.
إمَّا بِسَبَبٍ ظَاهِرٍ كَمَا عَرَفُوا أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ تَزَوَّجَ مَيْمُونَةَ وَهُوَ حَلَالٌ.
[الشرح]
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
هذا الكلام يعني به المؤلف شيخ الإسلام رحمه الله تعالى أن الإجماع معتبر في التفسير، وكما أن الإجماع حجة في الفقه فهو حجة في التفسير؛ لأن الإجماع لا يقع في هذه الأمة وتكون الأمة غالطة فيما أجمعت عليه؛ لأن هذه الأمة عصمت أن تجتمع على ضلالة، فكان ما اجتمعت عليه حجة بيقين، قال: من حيث الأصل فإن الإجماع يكون إما على الخبر؛ يعني على حكم الخبر، وإما أن يكون على نسبة الخبر.
فمثلا يكون الإجماع على حكم الخبر مثل الإجماع على حكم أن الصلاة مثلا يُبطلها الأكل والشرب، فإن الأكل والشرب ما جاء فيه دليل خاص في إبطال الصلاة ولكن هذا بالإجماع عرف هذا الحكم بالإجماع، والأمة أجمعت على هذا فصار هذا حقا لا محيد عنه.