يعني أنّ اختلاف التنوع هذا عند شيخ الإسلام وعند جماعة يعني الإجماع على أصل المعنى، مثل ما ذكر في حديث جابر في أول الكلام، الاختلاف في حديث جابر في إشتراء النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لجمله وبيعه الجمل على جابر وقع الاختلاف في القصة على ألفاظ كثيرة، بعضها يثبت وبعضها غير ثابت لكن الإجماع منعقد على ثبوت أصل القصة.
هكذا في روايات التفسير فإن الروايات في التفسير قد يكون الإجماع مأخوذا من اختلاف الألفاظ؛ لكن لأنّ الأصل واحد مثل ما مرّ معنا في تفسير قوله تعالى مثلا الذي مر معنا أو نأتي بمثال آخر - لأني نسيت الأمثلة التي مثلتُ بها- مثلا في قوله تعالى في سورة النحل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ مَا يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنَى﴾ [النحل: ٦٢]، ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ مَا يَكْرَهُونَ﴾، هنا إذا قال قائل ﴿مَا يَكْرَهُونَ﴾ هو البنات لله جل وعلا، هذا مصيبة لأنهم يكرهون البنات. إذا قال قائل الذي يكرهونه هو الزوجة لأن طائفة من النصارى تكره الزوجة للقساوسة وللرهبان وللكبار وينزهونهم عن هذا الأذى ومع ذلك يجعلون لله جل وعلا ما يكرهونه لكبارهم ولمعظميهم، كان هذا تفسيرا صحيحا، وكما قيل يكرهون ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ مَا يَكْرَهُونَ﴾ يعني ما يكرهونه لرسلهم، يجعلون لله ما يكرهونه لأنفسهم يكرهون لأنفسهم أن تهان رسلهم وأن تذل رسلهم، ومع ذلك جعلوا لله ما كرهوه لأنفسهم من إهانة رسل الله وإذلال رسل الله. هذه كلها تفاسير منقولة لكن كل هذه اختلاف التنوع مثلما مثلنا؛ لأنها داخلة في عموم قوله ﴿وَيَجْعَلُونَ لِلّهِ مَا يَكْرَهُونَ﴾.