فالفيض ما يُلقيه المُفيض ـ وهو الله ـ في قلب إنسان، وهو يختلف عن الحدس والكسب، لأنَّهما لا يكونان من جانب المستفيض ].(١)
[ فما يقع بطريق الحق دون الباطل، ويدعو صاحبه إلى عمل الخيرات دون الشهوات، وإلاَّ ما في يكون إلهاماً ].(٢)
ولهذا قال أبو زيد الدبوسي في حدِّه :
[ الالهام : ما حرَّك القلب بعلمٍ يدعوك إلى العمل به، من غير استدلال بآيةٍ، أو نظر في حجة ].(٣)
والإلهام : في حق الأنبياء من أنواع الوحي، (٤)وفي حق الناس فهو: حجة في حق صاحبه.
وذهب الصوفية إلى انه : حجة في حق الأحكام نظير النظر و الاستدلال.
أما عند الفقهاء والأصوليين، فهل يُعتبر ذلك دليل ؟.
الجواب : كلا، فهو قد يختلط بالحدس والهوى، وما يُلقيه الشيطان، فشهادة القلب وحدها غير مأمونةِ العواقب.(٥)
فإذا كان كلام البروسوي على مقتضى كلام أعمل التصوف فيما يخص الألهام، فهو جاء على قواعدهم، وهو مسلَّم لديهم، ولكن ليس هذا عند الآخرين، والآخرون بقولهم يثبُت الحُكم، ولهم الناس في بيان الأحكام تبع، وأقوالهم هي المعوَّل عليها، ألا وهم : الفقهاء والأصوليون.
*******
المسألة الثانية / تحقيق ما أخبر به البعض عن الغيب :
هذا الإلهام الذي تكلم عنه لا يسمى :[ علماً ]، لأن العلم يقيني، والإلهام ليس يقينياً.
قد يقول قائل : وكيف اتفق لهم الوقوع كما أخبروا ؟!
نقول :[ اتَّفق ] لهم ذلك، والإتفاق ليس مطَّرداً.
(٢) ٩٨) ميزان الأحوال – ٢ / ٩٥٢.
(٣) ٩٩) ميزان الأحوال – المرجع السابق.
(٤) ١٠٠) ميزان الأصول – ٢ / ٦٢٣.
(٥) ١٠١) الميزان – ٢ / ٩٥٣ –٩٥٥، التعريفات ـ المرجع السابق.